خلال الأيام الماضية انتشرت تقارير في وسائل إعلام إسبانية تزعم أن إدارة نادي أتلتيكو مدريد طلبت من مهاجمها الفرنسي أنطوان جريزمان التخلي عن نصف راتبه السنوي مقابل تمديد عقده لموسمين إضافيين مع خيار موسمي ثالث. لكن هذه الأنباء تعرّضت لنفي صريح من وكيل اللاعب سيفان كاريان، الذي أكّد أن لا أيّة مفاوضات حول تخفيض الأجر قد جرت في اللقاء الذي جمع الطرفين أخيراً، وأن التصريحات التي صدرت عن بعض الصحف جاءت دون أساس أو اتفاق مسبق.
تفاصيل الاجتماع وموقف جريزمان
وفق ما نقلته صحيفة ليكيب الفرنسية، جرت المحادثات الأولى بين ممثلي أتلتيكو مدريد وجريزمان في الرابع والعشرين من مارس الماضي، وكانت مخصّصة لاستطلاع رغبة اللاعب في الاستمرار ضمن صفوف الروخيبلانكوس بعد عقده الحالي الذي ينتهي صيف 2025. ورغم قبول إدارة النادي بإعادة فتح ملف تجديد العقد، فإن النقاش اقتصر على المدة وتفاصيل التمديد العامّ، دون أيّ تطرّق لمسألة الراتب أو نسبته.
في تصريحات نقلها سيفان كاريان عن موكله، قال إن جريزمان "تفاجأ" من الأخبار المتداولة، مؤكداً أنه "لم يوافق على أيّ خفض مالي، ولم يُطلب منه التخلي عن نسبة 50% من عقده". وأضاف الوكيل: "ما يُشاع هو مبالغة إعلامية لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ونحن لا نعبّر عن موقفنا إلاّ عندما يكون هناك اتفاق فعلي".
خلفية مالية وضغط السوق

تشهد أندية أوروبا الكبرى في ظل الأزمات الاقتصادية وضغوط قواعد اللعب المالي النظيف (FFP) سعيًا متزايدًا لتقليل الفواتير المالية المرتبطة بعقود اللاعبين. وفي عهد مدربهم الأرجنتيني دييغو سيميوني، بات أتلتيكو مدريد يراجع جميع بنود العقود ويبحث عن حلول تحفظ التوازن المالي، لا سيّما بعد التعاقدات الكبيرة في الأعوام الأخيرة.
ورغم أن راتب جريزمان يُعتبر من أعلى الأجور في تشكيلة الفريق - حيث يُقدّر بمبلغ يقارب 14 مليون يورو سنويًا قبل الضرائب - فإن المهاجم الفرنسي لا يزال يحظى بثقة جماهير المدريدايستا وعشاقه في واندا متروبوليتانو، بعد مساهمته في تسجيل أكثر من سبعين هدفًا منذ عودته إلى الأتلتي قبل عامين.
ردود أفعال الصحافة الإسبانية
لم تمض ساعات طويلة على تقرير ليكيب حتى ترددت في الصحف الإسبانية إشارات إلى موافقة جريزمان على المقترح، مع تناقل بعض المنابر لاتفاق مبدئي يقضي بتمديد العقد مقابل نصف راتبه الحالي، وتأكيدات بأن الصفقة مررت بمراحل متقدمة. لكن جميع هذه الأخبار سرعان ما وجدت رداً حازماً من الطرف الفرنسي.
من جهتها، نشرت صحيفة ماركا تقريرًا يشير إلى أن "محاولة تقليص أجور النجم كانت جزءًا من خطة النادي لتحقيق استقرار مالي قبل تسجيل تشكيلة الموسم المقبل"، إلا أنها لم تستند في مقالتها إلى أيّ تصريحات رسمية من إدارة أتلتيكو أو من اللاعب نفسه.
الخيارات المطروحة أمام جريزمان
بعد نفي الوكيل لكل ما يتعلّق بخفض الراتب، بات المهاجم الفرنسي أمام عدة مسارات محتملة:
1. التجديد مع أتلتيكو
• تمديد عقد لفترة موسمين مع تحسين بند المكافآت بناءً على الأهداف والمباريات.
• إدراج شرط يسمح له بالرحيل في حال وصول عرض من نادٍ يشارك دوري الأبطال.
2. الانتقال إلى الدوري الأمريكي
• عرض من لوس أنجلوس غالاكسي، الذي يضمّ مواطنيه هوجو لوريس وأوليفيه جيرو، ما قد يجعل تجربة المهاجم الفرنسية جذابة على مستوى الحياة خلف المستطيل الأخضر.
3. خيارات الخليج
• عروض من أندية سعودية وقطرية تُقدّم إمكانيات مالية مغرية، لكن جريزمان يبدو متمسّكًا بعدم التوجّه إلى الخليج، بحسب تصريحات وكيله.
تأثير النفي على مفاوضات التجديد

إن تأكيد سيفان كاريان بأن المفاوضات لم تتطرّق إلى الراتب يؤكد رغبة اللاعب في الحفاظ على مستواه التنافسي في أوروبا وعدم التخفيض من تقديره المادي. وفي المقابل، فإن إدارة أتلتيكو مدريد مطالَبة بإعادة التفاوض حول البند المالي بطريقة تعكس القيمة العالية التي يقدّمها جريزمان دون المساس بحسّه بالنزاهة المهنية.
تقييم جماهيري وإعلامي
على الصعيد الجماهيري، عبّر قطاع واسع من مشجعي الروخيبلانكوس عن دعمهم لقرار جريزمان بعدم التضحية بجزء كبير من راتبه، معتبرين أن الأرقام لا تعكس الجهد الكبير الذي يبذله اللاعب على أرض الملعب. فيما اعتبر محللون أن هذه الأزمة الإعلامية قد تؤدي إلى تهدئة الأجواء قبل الدخول فعليًا في مفاوضات العقد الجديد.
خاتمة واستشراف المستقبل
في ظل هذه المعطيات، يبقى مصير أنطوان جريزمان مع أتلتيكو مدريد معلقاً بانتظار حوار مباشر بين الطرفين يراعي تطلعات اللاعب وطموحات النادي الماليّة. ومع قرب انتهاء الموسم، فإن الحسم في ملف مهاجم المنتخب الفرنسي سيشكل مؤشرًا على مدى قدرة الأتلتيكو على الموازنة بين الإجراءات الاقتصادية وضمان بقاء نجومه الكبار.