أنهى نادي الهلال اليوم مسيرة مدربه البرتغالي جورج جيسوس الثانية مع “الزعيم”، حيث قرر مجلس الإدارة عدم تجديد عقده بعد مرور عامين على عودته لقيادة الفريق، لينتقل المشهد إلى مساعده السابق محمد الشلهوب لتولي المهمة مؤقتًا حتى نهاية الموسم. وجاء هذا الإعلان على وقع تباين في نتائج الهلال مؤخرًا، بعدما صال وجال تحت قيادة جيسوس، لكنه أخفق في الاحتفاظ بأبرز الألقاب القارية والمحلية في الموسم الحالي.
لقد وجّه المدرب المخضرم رسالة وداعية مؤثرة إلى أسرة الهلال عبر حسابه الرسمي على “إنستجرام”، قائلاً:
“عامان من التفاني والإنجازات التي ستظل خالدة في ذاكرتي. أشكر الهلال، كل فردٍ عمل بجدٍ، وكل مشجع وقف معنا في السراء والضراء. أحمل في قلبي كل انتصار، وكل تحدٍّ، وكل تصفيق. مع خالص امتناني.”
أرقامٌ تتحدّث عن نجاحٍ باهر وجموعٌ تطالب بالمزيد
تولى جيسوس مهمة تدريب الهلال لأول مرة في صيف 2018، قبل أن يرحل عن المملكة عائدًا لريال مدريد كمدربٍ عام 2019، ليلتحق به مجددًا في يوليو 2023 بدعمٍ من رئيس النادي فهد بن نافل. وخلال الموسم الماضي (2023–2024)، حقق “المعلم” الثلاثية المحلية دون هزيمة: درع دوري روشن، وكأس خادم الحرمين الشريفين، وكأس الدرعية (السوبر المحلي)؛ إضافة إلى معادلة رقم غينيس للأرقام القياسية مع سلسلة 34 انتصارًا متتالية في جميع المسابقات، وهو إنجازٌ لم يسبقه إليه أي فريق في تاريخ اللعبة.
إجمالاً، خاض الفريق تحت قيادته 57 مباراة، فاز في 45 وتعادل في 8 وخسر 4، مسجلًا 135 هدفًا واستقبل 38. أما على الصعيد القاري، فقد وصل الهلال إلى نصف نهائي دوري أبطال آسيا هذا الموسم، قبل أن يودّع البطولة أمام العين الإماراتي بركلات الترجيح، بعد تعادلٍ قاريٍّ سلبيٍّ شحذ حماس “الزعيم” لقبًا آسيويًا ثالثًا في تاريخه.
مشوار الموسم الحالي وتذبذب النتائج
مع انطلاق الموسم الجاري، بدا الهلال مرشحًا للاحتفاظ بدرع الدوري، لكنه عانى من بعض التراجعات التكتيكية والإصابات التي أثرت على استمرارية الأداء. إذ خرج مبكرًا من كأس الملك سلمان للأندية العربية بالخسارة أمام النصر في النهائي، كما شهد تذبذبًا في النتائج خلال الدور النصف نهائي من كأس الملك على المستوى المحلي. ورغم أنه لا يزال في سباق الدوري المحلي ومسابقة كأس الملك، إلا أن إقصائه القاري أشار إلى أن المشروع الإداري قد يحتاج إلى أفكار جديدة قبل الانطلاق في الموسم المقبل.
ردود فعل الجماهير والإعلام

تباينت ردود الأفعال بين جماهير الهلال؛ فرأى البعض أن رحيل جيسوس في هذا التوقيت قد يؤثر على استقرار الفريق المتبقي في المباريات الحاسمة، بينما اعتبر آخرون أن انتهاء عقده كان نعمًة للخروج من الركود التكتيكي، مطالبين الإدارة بالتعاقد مع مدربٍ يضخ دمًا جديدًا في الصالة الزرقاء. واحتفى الإعلام الرياضي العربي والعالمي بإنجازاته، وقالت “ماركا”: “جيسوس أعاد الروح إلى الهلال ومهّد الطريق لسلسلة انتصاراتٍ مذهلةٍ، ويترك للميراث قاعدتين أساسيتين: الالتزام التكتيكي والروح القتالية.” فيما أشارت “موندو ديبورتيفو” إلى أن “وداع المعلم يختتم عصرًا ذهبياً في الكرة السعودية، ويطرح تساؤلاتٍ حول خطة الهلال الفنية والإدارية للمواسم المقبلة.”
رسالة شكرٍ خاصة لرئيس النادي
لم ينسَ جيسوس توجيه رسالة عرفانٍ خاصًة لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الهلالية فهد بن نافل، مشيدًا بالدعم الكامل الذي قدّمه طوال سنوات ولايته، وقال: “شكرًا لأخي فهد بن نافل على ثقته الغالية، والإيمان بالنهج الذي عملنا عليه معًا.” وجاء في تغريدةٍ متبادلةٍ عبر حساب بن نافل على “تويتر”:
“كلمات جيسوس تعكس صدق العلاقة ودفء الشراكة، وأتمنى له كل التوفيق في محطته المقبلة. سيظل المعلم جزءًا من تاريخ الهلال المشرق.”
الشلهوب خيارٌ مؤقت ومهامٌ كبيرة تنتظر خليفته
اختارت الإدارة إدارة المرحلة الانتقالية عبر تكليف محمد الشلهوب، أيقونة الهلال وأحد أبرز نجومه تاريخيًا، لتولي مسؤولية القيادة الفنية مؤقتًا. وسيواجه “الشلهوب” تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على حظوظ الهلال في سباق الدوري المحلي والكأس، وفي الوقت ذاته إعداد الفريق لانتداب مدربٍ دائمٍ قبل إتمام الاختيار النهائي للمركز الأهم.
وتُعَدُّ هذه الخطوة إشارةً إلى رغبة النادي في منح فرصة للمواهب المحلية من أبناء النادي في الجهاز الفني، قبل إتمام الاختيار النهائي للمركز الأهم.
ختام حقبة والتطلع إلى الأمام
مع انتهاء رحلة جورج جيسوس مع الهلال، تبدو تجربةٌ حافلةٌ بالإنجازات والتحديات، لكنها أنهت بفصلٍ شاملٍ يعكس جدارة المدرب في إعادة تأسيس عقلية الفوز لدى أحد أعرق الأندية في القارة. وتبقى الأيام قليلة قبل الكشف عن خليفته النهائي، الذي سيحمل على عاتقه مسؤولية السير على درب “المعلم” وتعزيز مكتسباته. وفي كل الأحوال، فإن آخر ما تركه جيسوس في قلوب جماهير الهلال هو رسالة الوفاء والامتنان: “أحمل في قلبي كل انتصار وتصفيق”، لتظل صورته ومواقفه علامةً بارزةً في سجل “الزعيم” الزاخر بالأمجاد.