في السادس عشر من أكتوبر 2022، عندما توقفت منافسات دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين بعد الجولة الثامنة، كان فريق الشباب يتصدر الدوري السعودي برصيد 22 نقطة، متفوقًا على النصر والاتحاد. كان الجميع يعتقد أن الشباب في طريقه لتحقيق حلم البطولة بعد بداية رائعة، حيث سجل 6 انتصارات متتالية في أول 6 جولات، وكان على بعد خطوة واحدة من حسم اللقب. لكن فجأة، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.
فبعد توقف الدوري بسبب مشاركة المنتخب السعودي في كأس العالم 2022، حيث تألق الأخضر وحقق فوزًا تاريخيًا على الأرجنتين في المباراة الأولى، عاد الشباب من هذا التوقف ليجد نفسه أمام سلسلة من النتائج السلبية. من هزيمة مفاجئة أمام الفتح (1-4) إلى تعادل سلبي مع النصر والهلال، لتبدأ معاناته التي أسفرت في النهاية عن تراجعه للمركز الرابع في الدوري، بينما حصد الاتحاد اللقب بجدارة. اليوم، يتكرر نفس السيناريو مرة أخرى، ولكن هذه المرة مع الاتحاد، الذي يتزعم الصدارة في دوري روشن السعودي، ويتطلع لتجنب الوقوع في نفس الفخ الذي وقع فيه الشباب.
السيناريو المكرر: الاتحاد يتصدر لكن هل سيواصل؟
بعد مرور 13 جولة من عمر الدوري السعودي، يتصدر الاتحاد الترتيب برصيد 36 نقطة، بفارق نقطتين عن الهلال الذي يحتل المركز الثاني. لكن مع تزامن فترة التوقف الطويلة مع استعدادات المنتخب السعودي لخوض بطولة كأس الخليج “خليجي 26”، يخشى الاتحاد من تراجع أدائه بعد عودته من التوقف، تمامًا كما حدث مع الشباب في الموسم الماضي. ورغم أن الاتحاد عانى من خسارة أمام الهلال في الدوري قبل التوقف، إلا أن تراجع مستوى الفريق بعد فترات التوقف الطويلة بات يشكل مصدر قلق للجماهير والإدارة.
وتأتي هذه المخاوف وسط منافسة شرسة مع الهلال، الذي لا يزال يشكل تهديدًا قويًا على الصدارة، وهو ما يجعل الاتحاد مطالبًا بالحفاظ على مستواه العالي، خاصة في ظل تقارب النقاط بين الفريقين.
عوامل تفصل الاتحاد عن سيناريو الشباب
لكن إذا نظرنا إلى وضع الاتحاد الآن، سنجد أن هناك عدة عوامل قد تحميه من تكرار سيناريو الشباب، الذي أدى إلى تراجعه الكبير بعد فترة التوقف في موسم 2022.
- قلة اللاعبين الدوليين: أحد الأسباب التي قد تحمي الاتحاد هي قلة اللاعبين الذين تم استدعاؤهم للمنتخب السعودي، حيث ذهب فقط 3 لاعبين من الفريق إلى “خليجي 26”، وهم عبد الإله العمري، الذي عاد بسبب الإصابة، ومهند الشنقيطي وصالح الشهري. هذه القلة في عدد اللاعبين الدوليين تجعل الاتحاد أقل عرضة للإصابات التي قد تحدث للاعبين في المباريات الدولية، على عكس الهلال الذي أرسل عشرة لاعبين، مما يزيد من احتمال تعرضه للإصابات أو الإرهاق.
- عودة اللاعبين المصابين: أحد العوامل المهمة التي قد تمنح الاتحاد الأفضلية هو عودة عدد من لاعبيه المصابين، مثل الفرنسي موسى ديابي، الذي تم غيابه لمدة شهرين بسبب إصابة في الكاحل، وأيضًا حسام عوار وعبد العزيز البيشي، اللذين يُتوقع عودتهما قريبًا. مع وجود هذه العناصر القوية في الفريق، فإن الاتحاد سيملك قوة أكبر بعد فترة التوقف.
- التفرغ للمنافسات المحلية: مقارنة بالشباب في الموسم الماضي، الذي كان ينافس على أكثر من جبهة، بما في ذلك البطولة العربية التي خرج منها في نصف النهائي على يد الهلال، يجد الاتحاد نفسه هذا الموسم أقل تعقيدًا. حيث يقتصر اهتمامه على منافسات الدوري وكأس خادم الحرمين الشريفين فقط، مما يمنحه القدرة على التركيز بشكل أكبر على التحديات المحلية. في المقابل، سيكون الهلال في مواجهة منافسات متعددة تشمل الدوري السعودي، دوري أبطال آسيا، وكأس العالم للأندية 2025، مما قد يزيد من ضغوطه ويُضعف تركيزه على الدوري السعودي.
الاختبار الأهم: مواجهة الهلال بعد التوقف
أحد أكبر التحديات التي ستواجه الاتحاد بعد فترة التوقف ستكون مواجهته للهلال في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين. ستكون هذه المباراة بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الاتحاد على الحفاظ على صدارته في الدوري ومواجهة منافسه التقليدي في ظل التوقف الطويل. في الموسم الماضي، لم يتعافَ الشباب بسرعة بعد التوقف، حيث عانى الفريق من تراجع ملحوظ في الأداء ما دفعه للابتعاد عن المنافسة على اللقب.
من ناحية أخرى، يمتلك الهلال ميزة “النفس الطويل” والقدرة على اللعب حتى اللحظات الأخيرة، وهو درس تعلمه من تجربته الطويلة في المنافسات القارية والمحلية. هذه القدرة على القتال حتى النهاية قد تشكل تحديًا إضافيًا للاتحاد، الذي سيحتاج إلى إثبات نفسه أمام خصم قوي في جميع الجبهات.
هل يتكرر سيناريو الشباب مع الاتحاد؟
القلق الذي يعيشه جمهور الاتحاد يعود إلى السؤال: هل سيكون فريقهم قادرًا على الحفاظ على صدارته بعد فترة التوقف الطويلة؟ وهل سيتكرر سيناريو الشباب، الذي تحول من متصدر الدوري إلى فريق خارج جميع البطولات في فترة قصيرة؟
في ظل التحديات التي يواجهها الاتحاد، فإن الإجابة ستظل محط أنظار الجميع. سيكون على المدرب نونو سانتو واللاعبين أن يتعاملوا مع هذه الفترة بحذر وأن يستعيدوا لياقتهم البدنية والنفسية بأسرع وقت ممكن بعد التوقف. إذا تمكن الاتحاد من تجاوز هذه العقبات، قد يكون في الطريق لتحقيق المزيد من النجاحات هذا الموسم. ولكن، إذا تراجع الفريق كما حدث مع الشباب، فإن المنافسة على اللقب ستكون مفتوحة تمامًا، خاصة مع وجود الهلال في الصورة.