قبل مواجهة مصيرية تجمع إنتر ميلانو ببرشلونة في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، اختار المدافع الإيطالي أليساندرو باستوني أن يضع حدًّا للجدل المتصاعد حول تحيّز الحكم البولندي سيمون مارشينياك لصالح ريال مدريد، بعد أن شكّك بعض جمهور البارسا في قدرته على إدارة اللقاء بحيادية. وفي مؤتمرٍ صحفيٍ عقده لاعب الدفاع وسط "النيراتزوري" لخص رؤيته للتحكيم ومكانة فريقه في خريطة الأندية الأوروبية، مؤكدًا أنه يرى في مارشينياك حكمًا "تستمع إلينا آراء اللاعبين، رغم صرامته"، ومشيرًا إلى أهمية التركيز على أرض الملعب بدل الانشغال بالاتهامات الخارجية.
عودة الذكريات إلى “لويس كومبانيس”
انطلقت الإثارة في نصف النهائي منذ لقاء الذهاب الذي أقيم على ملعب لويس كومبانيس الأولمبي بمدينة تورينو، حيث انتهى بالتعادل 3-3 بعد مواجهةٍ طاحنةٍ بين إنتر وبرشلونة شهدت أداءً هجوميًّا من الجانبين. سجل للإنتر في تلك المباراة نيكولو باريلا ولوكاكو وفيديريكو كيفينيو، بينما ردّ برشلونة بثلاثيةٍ عبر لامين يامال وفيران توريس ورافينيا. تلك النتيجة أعطت الأفضلية للعملاق الكاتالوني بهدفٍ خارج الديار، لكن التعادل الإيجابي أبقى الباب مفتوحًا لموقعة سان سيرو المرتقبة.
تصريحاتٌ قد تثير الدهشة
وسط ضغوطٍ إعلاميةٍ واجتماعيةٍ تتهم مارشينياك بأنه منحازٌ فعليًّا لريال مدريد، خرج أليساندرو باستوني ليدافع عنه قائلًا:
“أدار مارشينياك عدة مبارياتٍ لنا هذا الموسم، وبغض النظر عن النتيجة، أعجبني في عمله أنه – رغم حزمه – يسمح دائمًا للاعبين بالتحدّث معه وإبداء وجهات نظرنا. هذه المرونة تجعل التواصل أفضل وتقلل من الاحتكاك داخل الملعب.”
وأضاف المدافع الإيطالي:
“لا أعتقد أن مستويات التحكيم في إيطاليا أو أوروبا مشوّهةً بشكلٍ عام. القرار الأخير دائمًا يعود للميدان، حيث يتحدث الأداء والفرص والاقتدار التكتيكي، وليس الشائعات أو نظرية المؤامرة.”
أهمية نصف النهائي وتأثيره النفسي

انتقل الحديث سريعًا إلى حجم المسؤولية الكبيرة التي يتحمّلها الإنتر، حيث شدد باستوني على أن الفريق على بُعد لقاءين فقط من منصة التتويج الأغلى:
“ليس من الطبيعي أن تصل إلى نصف نهائي الأبطال كل عام، وهذا إنجازٌ بحد ذاته. سنبذل 110% من جهدنا في المباراة، بل 200% إذا كان ذلك ممكنًا. نعلم حجم التحدي أمام برشلونة، ونعرف أننا إذا قدمنا مباراةً متكاملةً سنصل إلى النهائي بلا شك.”
وواصل:
“لقد راجعنا تسجيلات مباراة الذهاب بدقة، ولاحظنا أننا ارتكبنا أخطاء في التمرير والتغطية الدفاعية سمحت لهم بهجماتٍ مرتدةٍ خطرة. سنعمل على تجنّب تلك النقاط وتحسين استفادتنا من الكرات الثابتة والتحولات السريعة.”
موضع إنتر بين كبار أوروبا

رغم أن إنتر يملك تاريخًا حافلًا بقابعية دوري الأبطال (آخرها موسم 2009–2010 تحت قيادة مورينيو)، إلا أن اللاعبين لا يرون أنفسهم ضمن النخبة الأربع الكبرى الحالية في القارة:
“لا نعتبر أنفسنا من بين أفضل أربعة فرق أوروبيًا حاليًا، لأن المنافسة اشتدت جدًا. هناك فرق إنجليزية وإسبانية وألمانية تمتلك موارد هائلة. نحن ندرك موقعنا وحجم المهمة التي تنتظرنا، فلم نأتِ إلى هنا باعتقادٍ خاطئٍ أننا في مصاف المتصدّرين دائمًا.”
إقراره هذا يُظهر الجانب الواقعي الذي يتمتّع به الفريق الإيطالي، الذي رغم نجاحاته المحلية يعود دومًا إلى روح “المُطارد” في أوروبا.
دور المدرب إنزاغي وإدارة البطولات المتعددة
انتقل الحوار إلى ارتباط إنتر بأولولياته في المسابقات المحلية والقارية، خاصة بعد تراجع النتائج في الدوري الإيطالي (خسر أمام بولونيا وروما)، وإقصائه من كأس إيطاليا أمام ميلان. وحين سئل عن إمكان أن يكون التركيز منصبًّا فقط على الأبطال، ردّ باستوني:
“لم يقل لنا المدرب إنزاغي إننا سنتنازل عن أي بطولة. ما يحدث طبيعي في كل موسم، أن الأداء يتذبذب بسبب ضغط المباريات والإصابات. لكننا لم نقلل من شأن الدوري أو الكأس؛ نحن ننافس في كل الجبهات، وفي الوقت نفسه نعلم أن العنوان القاري له وزنه الخاص.”
كيف يستعدّ إنتر للعودة أمام برشلونة؟
- ضبط الأجنحة: معتمداً على خبرة لوكاكو وكوراتوري، سيحاول إنتر استغلال المساحات خلف الظهيرين، خصوصًا أن برشلونة يعتمد على دعمٍ هجوميٍّ كثيفٍ.
- إغلاق منتصف الملعب: يعتمد باستوني وباريلا على قراءة الكرات والتمركز الذكي لقطع تمريرات بيدري وفرينكي دي يونج قبل الوصول لدفاع الإنتر.
- استغلال الهجمات المرتدة: يتحين الإنتر الفرص عند تقدم لاعبي برشلونة، إذ يتمتع بهجماتٍ مرتدةٍ مباغتةٍ عندما يسرع كيفينيو في الانطلاق خلف المدافعين.
ختام يتطلع إلى ميونخ
عند الانتهاء من هذه المهمة، سيكون الفائز ببطاقة النهائي في ميونخ على موعدٍ مع نجمٍ آخر لربح اللقب الأغلى يوم 31 مايو أمام من يخرج من مواجهة باريس سان جيرمان وأرسنال. وحتى ذلك الحين، تظل كلمة الحكم وسيمون مارشينياك ثاني أهم معضلةٍ بعد كيفية مجابهة تكتيك برشلونة السريع والمتنوّع.
في كل الأحوال، يبقى أليساندرو باستوني رمزًا للتوازن والواقعية في معسكر إنتر، داعمًا قراراته التحكيمية ومنتقدًا المبالغة في الاتهامات الإعلامية، فيما يحضر مع رفقائه للمعركة القادمة، وهي معركةٌ لا تحتمل سوى القتال داخل المستطيل الأخضر، بعيدًا عن صخب الاتهامات والتحليلات المبالغ فيها.