اقترب نادي الهلال من الإعلان رسميًا عن تعاقده مع المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي بدءًا من تحضيرات كأس العالم للأندية 2025 الذي سيشارك فيه الزعيم مع أندية القمة العالمية. وفي تغريدة أثارت الجدل على موقع “إكس” كشف الإعلامي محمد البكيري عن طلب غير مسبوق من جانب المدرب الإيطالي حيث أشار إلى أن إنزاجي “لا يرغب في بقاء نصف اللاعبين المحترفين من محليين أو أجانب”. ومع انتشار هذا التصريح بين الجماهير والمحللين الرياضيين، بات الحديث يتركز حول كلفة فسخ عقود اللاعبين الذين ربما لا يندرجون ضمن خطة المدرب الجديد وكلفة جلب البدائل التي يريدها.
تأتي خطوة التعاقد مع مدرب إنتر ميلان السابق والذي قاد الفريق إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2023، لينهي حقبة البرتغالي جورج جيسوس التي شهدت نتائج متذبذبة أدت إلى إقالته قبل نهاية الموسم. وعوضًا عن ذلك، اختار مجلس الإدارة تحت قيادة فهد بن نافل السير في اتجاه جلب مدربٍ معروفٍ بأسلوبه الدفاعي الهجومي المتوازن، وهو ما يعكس طموح الإدارة في تقديم مواجهةٍ قويةٍ أمام أندية أوروبا خلال نسخة كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة.
موقف الهلال من تعاقد إنزاجي
تشير المصادر المقربة من البيت الهلالي إلى أن المفاوضات مع إنزاجي شملت شروطًا فنية ومالية لم يُعلن عنها بعد بصفة رسمية، ولكن المتداول بينها وبين مسؤولي النادي تتعلق بدرجة الحرية التي سيحصل عليها المدرب لتغيير التشكيلة الحالية وبناء فريقٍ يعتمد أسلوب الضغط من الأمام والاستحواذ السريع على الكرة. وطالب إنزاجي بإمكانية تقييم القائمة الحالية ووضع قائمة مختصرة تضم اللاعبين الذين يرغب في الاحتفاظ بهم، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى الحديث عن أزمة تغيير جذري في تشكيلة الزعيم قبل انطلاق الموسم الجديد وظهور تساؤلات حول مدى تماسك الخطة الفنية إذا جرت تغييراته على أكثر من نصف قائمة الفريق.
تصريحات البكيري تكشف عن طلبات إنزاجي

في تدوينة نشرها الإعلامي الرياضي محمد البكيري عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” قال: “مبروك لنادي الهلال تعاقده مع المدرب الكبير إنزاجي الذي من الواضح أنه لا يرغب في بقاء نصف اللاعبين المحترفين من محليين أو أجانب، لكن السؤال الأهم: كم تكلفة كسر عقود من يرغب في استقطابهم للزعيم، وفي المقابل كم كلفة فسخ عقود اللاعبين السارية عقودهم بالفريق”. ويتضح من هذه التغريدة أن المدير الفني القادم لا يريد تكرار تجربة وجود لاعبين غير جادين داخل القائمة، ويركز على مبدأ “المشروع المبني من الصفر” لقيادة الفريق.
اهتمام جماهير الهلال تركز على مصير اللاعبين الحاليين مثل سالم الدوسري وبوكسيا وبواتينغ وفواز القرني وغيرهم الذين يدخلون ضمن فئة الأسماء الأجنبية والمحلية الأساس في قائمة الهلال. ويشير البعض إلى أن الإدارة ضعفت خلال الفترة الماضية في معالجة ملف الرواتب العالية لبعض النجوم الذين لا يقدمون الإضافة المطلوبة، ولهذا ربما تجد هذه العقود ثقلًا ماليًا وفنيًا أمام مشروع إنزاجي. ويبدو أن كفة التغييرات قد تهتز تحت ضغط تكاليف فسخ العقود التي قد تصل في مجموعها إلى مبالغ طائلة إذا أصر المدرب على استبعاد نصف اللاعبين وفسخ عقودهم قبل انتهاء المدة.
معطيات مالية وفنية للتغيير

يعرف عن عقود اللاعبين في أندية القمة السعودية أنها من الأعلى في القارة الآسيوية، ويكفي أن يدفع نادي الهلال متوسط راتب سنوي لكل لاعب أجنبي يقارب المليونين دولار ومليون وخمسمائة ألف دولار للاعب المحلي اللامع. وبما أن نصف القائمة قد تشمل خمسة أو ستة أسماء على الأقل، فإن قيمة فسخ العقود وأوراق انتقال اللاعبين ستشكل عبئًا على ميزانية النادي إن لم يتم التفاوض مع الوكلاء لإخضاع الشروط. وفي المقابل فإن الاستغناء عن هؤلاء اللاعبين قد يوفر بند الرواتب السنوية، لكنه قد يخلق تحديًا فنيًا بغياب الخبرة والانسجام داخل صفوف الفريق.
سيناريوهات بديلة للتخفيض المالي
ويوجد سيناريو بديل يتمثل في مبادلة بعض اللاعبين أو الإعارة مع الالتزام بفترة انتقال جزئي يدفع خلالها الهلال جزءًا من راتب اللاعب، ما يمنحهم مرونة مالية أكبر. لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيوافق إنزاجي على بقاء بعض الأسماء التي لا يراها fit&ready – أي مناسبة وجاهزة – لخوض منافسات بطولة كأس العالم للأندية ودوري أبطال آسيا؟ وما إذا كان مدعومًا من قِبل الإدارة الفنية والمالية لاتخاذ القرارات الصعبة دون تدخل من جهات أخرى في النادي.
تحديات مرحلة ما قبل المونديال
يستعد الهلال لأن يقع في المجموعة الثامنة إلى جانب ناديي ريال مدريد الإسباني وسالزبورج النمساوي وباتشوكا المكسيكي في كأس العالم للأندية 2025، وهي البطولة التي تمنح مشاركتها فرصة لرفع مستوى الأندية الآسيوية أمام كبار القارة الأوروبية واللاتينية. وفي ظل هذه المنافسات الحاسمة، يحتاج الزعيم إلى إعداد تشكيلة قوية تعتمد على حماسة جديدة وكفاءة فنية عالية. ويتوقع أن يبدأ المعسكر الإعدادي المكثف في صيف 2025 مع تجارب ودية أمام أندية أوروبية وقارية لضمان جاهزية الفريق للظهور بمستوى لائق.
وحسب تصريحات إعلامية سابقة، يضع الإنشغالات الفنية القائمة على إعداد اللاعبين للأدوار الحاسم الداخل في أولويات المدرب الجديد، وهذا يدفعه للتأكيد على ضرورة وجود تركيز تام دون وجود لاعبٍ عائمٍ في القائمة لا يقدم الإضافة المطلوبة. كما يفضل المدرب الإيطالي إخضاع بعض المحترفين المحليين لاختبارات فنية محددة حتى يطمئن على الجاهزية؛ وبالتالي فإن مواجهة الإنتر الباريسي في نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أيام ستؤثر على قراره الأخير بشأن لاعبي الهلال المشاركين مع منتخبات بلادهم.
إنزاجي ورغبته في تحقيق أول ألقابه الآسيوية
يخوض إنزاجي تحديًا كبيرًا في تحقيق أول لقب عالمي مع نادي الهلال بعدما طعم نفسه الفوز بكأس إيطاليا مرتين مع لاتسيو ومرة مع إنتر ميلان، إلا أن خلو رزنامه من ألقاب بطولات قارية كبرى فرض عليه تحدٍ جديد في آسيا. وتعتمد فلسفته التدريبية على اللعب بطريقة 3-5-2 أو 4-3-3 تتطلب من الأطراف الظهيرية الجري السريع والعودة السريعة في الدفاع، وهذا ما دفعه لطلب مفاجئ بحاجته لأظهرة قوية تقطع المساحات وتستطيع فتح الثغرات أمام الدفاعات المتأخرة. وبذلك سيكون اختيار لاعبيه الأجانب المحليين في صفوف الهلال تحت التدقيق الفني المكثف قبل الإقرار ببقائهم أو رحيلهم.
وأوضح البعض أن من بين الأسماء التي قد يغادر الهلال قريبًا: بعض اللاعبين الأجانب الذين تقدموا في السن ولم يعد أداؤهم مع الجماهير يرقى إلى مستوى الألقاب الدولية. بينما قدّ يكون هناك باب للتجديد مع لاعبين جدد دون ثقافة الكرة الآسيوية، ولكن وفق شروط إنزاجي يضعها المدير الفني الجديد في ضوء عمله مع الشباب تحت مظلة ميلان وإنتر. ولم يخفِ المدرب رغبة كبيرة في قيادة الهلال إلى منصات التتويج الآسيوية والعالمية، وهذا بدوره سيدفعه لتغيير نصف تشكيلة الفريق الحالية إن لزم الأمر.
ردود أفعال الجماهير وخيبة الظن
أثارت تصريحات محمد البكيري تفاعلات واسعة بين مشجعي الهلال على مواقع التواصل، فقد انقسم الجمهور بين مرحب بفكرة تنقية القائمة من الأسماء الفردية والبحث عن التوازن الفني، وبين شاكي من إمكانية سيطرة المدرب على كل تفاصيل الفريق بما يؤدي لإرباك اللاعبين وإحداث بلبلة قبل بداية الموسم. كما عبّر البعض عن خشيتهم من فقدان هوية الفريق التي ارتبطت بمزيج من الخبرات الكبيرة والأسماء اللامعة في المواسم السابقة. في المقابل يرى فصيل آخر أن الأسماء التي لم تعد قادرة على العطاء ستُحلّ محلها عناصر جديدة تتماشى مع أسلوب إنزاجي الهجومي المواجه وعدم التمركز الاعتمادي.
ماذا بعد؟
يتوقع خبراء كرة القدم السعودية أن تتخذ إدارة الهلال قراراتها النهائية بشأن اللاعبين المستهدفين للرحيل أو الإبقاء قبل نهاية يونيو 2025، وذلك لتحقيق الانسجام الكامل بين المدرب الجديد وقائمة اللاعبين. بالإضافة إلى ضمان التزام جميع الأطراف الفنيين واللاعبين بالمشروع الكبير الذي يقوده المدرب الإيطالي، ومن ثم تقديم مستوى يليق باسم الهلال في بطولة كأس العالم للأندية القادمة.
خاتمة: فصل جديد في تاريخ الهلال
في المجمل، تبدو الخطوة التي اتخذها الهلال بالتعاقد مع إنزاجي بداية لفصل جديد في مسيرة النادي يقوده مدرب على قدرٍ عالٍ من الطموح والخبرة الأوروبية، إذ لا يكتفي فقط بالتواجد في البطولات الكبرى، بل يطمح لقيادة الفريق إلى صنع إنجازاتٍ قارية وعالمية. وعلى الرغم من أن السعر النهائي الذي سيدفعه الهلال لفسخ عقود لاعبيه الحاليين وضم عناصر جديدة قد يرهق ميزانيته المادية، إلا أن الهدف المعلن هو بناء فريق قادر على المنافسة القوية ورفع اسم المملكة في المحافل العالمية. وفي انتظار الإعلان الرسمي عن قائمة اللاعبين المستبعدين ومن سيعوضهم من العناصر الجديدة، سيكون العامل الحاسم هو قدرة إنزاجي على فرض رؤيته الفنية وإقناع الجميع بما يملكه من طموحٍ عالٍ ونجاحات سابقة.