
في تحولٍ مفصلي لمسيرته التدريبية، انتقل المدرب الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي من عاصمة الملكية الأوروبية إلى قلب كرة القدم البرازيلية.
حمل طموحًا جديدًا يتمثل في قيادة منتخب “السيليساو” إلى النجمة السادسة في مونديال قطر، بعد أن أعلن بشكل قاطع أن إيطاليا لم تتواصل معه أبدًا، وأن المباراة الودية أمام أرسنال كانت الشرارة التي أسقطت مسيرته مع ريال مدريد.
بدايات الرحلة وخيارات أنشيلوتي
حين جدد ريال مدريد الثقة في كارلو أنشيلوتي قبل انطلاقة موسم 2024–2025، توقع الجميع استمرارية الاستقرار الفني تحت قيادة مدربٍ محنك.
- دعم فلورنتينو بيريز: كان واضحًا منذ العقد الأول.
- النتائج المخيبة: خروج مذل من دور الثمانية في دوري الأبطال.
- تفوق برشلونة: في الليجا وكأس الملك والسوبر.
كلها عوامل ساهمت في إنهاء علاقة أنشيلوتي بالنادي الملكي، وإفساح المجال أمام تشابي ألونسو لقيادة المشروع الجديد.
لماذا البرازيل؟

لم تكن البرازيل مجرد وجهة عابرة على خارطة المدربين العالميين، بل جاءت بمواصفات تناسب رؤية أنشيلوتي:
- تجربة دولية جديدة: بعد سنوات في الأندية الأوروبية الكبرى.
- اللاعبون الأسطوريون: الذين اعتاد العمل معهم في نادٍ مثل ريال مدريد.
- الهدف الأكبر: إعادة البرازيل إلى منصات التتويج بعد غياب طويل عن كأس العالم.
وخلال حوار مع صحيفة “ماركا”، أكد أنشيلوتي أن التواصل مع الاتحاد البرازيلي ظل مستمراً منذ فترة طويلة، وهو ما يعكس التزامه بالمشروع حتى قبل أن ينهي علاقته مع ريال مدريد.
غياب الاتصال الإيطالي… لماذا؟
كشف أنشيلوتي بصراحة أن عرض تدريب منتخب إيطاليا لم يصله قط، رغم صداقته الوثيقة مع لوتشيانو سباليتي الذي يقود الأزوري حالياً.
“إذا كنت سأعود لإيطاليا، فإنني أريد أن أفوز بشيء كبير، وليس مجرد تجارب مؤقتة.”
ويوضح هذا التصريح رؤيته الواضحة بأن البرازيل تمثل المنصة الأنسب لتحقيق الفوز بالمونديال، وهو الحلم الوحيد الذي لم يحققه في مسيرته الطويلة.
هذه المواجهة أصل الحسم
بحسب تصريحات أنشيلوتي، فإن الهزيمة المريرة أمام أرسنال في مباراة ودية كانت الشرارة التي أنهت العلاقة مع ريال مدريد.
قال:
“بعد تلك المباراة، أصبح الحديث عن الاستمرار بلا معنى. جلست مع بيريز واتفقنا على إنهاء العقد فوراً، لأتفرغ لتحدي جديد، بلا ديون معنوية مع النادي الذي فزت معه بأكثر من 20 بطولة.”
وكان واضحاً أن هذه الخسارة فتحت صفحة جديدة في حياته المهنية، ووضعته أمام مرحلة أكثر طموحًا وأقل ارتباطًا بالماضي الأوروبي.
رؤية أنشيلوتي لنظام اللعب في البرازيل
يرى أنشيلوتي أن كرة القدم البرازيلية تحتاج إلى:
- التوازن بين الهجوم والدفاع: بعيدًا عن الاندفاع الكامل أو التراجع الدفاعي.
- استغلال المرونة الفنية: للاعبي السيليساو القادرين على تغيير الأدوار بسرعة.
- التحكم بإيقاع المباراة: كما فعل مع فريقه السابق في دوري الأبطال.
ويأمل أن يعيد بناء ثقافة الانتصار في المنتخب البرازيلي، عبر مشروع يجمع بين الخبرة والتكتيك الحديث، وبعيدًا عن الضغوط الإعلامية التي اعتادها في إسبانيا.
تعليق على مبابي وخطط اللقب الأوروبي

لم يغفل المدرب الحديث عن مهاجم فريقه السابق كيليان مبابي، الذي انتقل إلى باريس سان جيرمان:
“توقعت منه قيادة الفريق إلى دوري الأبطال، لكنه اختار الطريق الآسيوي بدلاً من ذلك.”
وأشار إلى أنه كان يثق في قدرات اللاعب، لكنه الآن يركز على بناء مشروع مختلف في البرازيل، بعيدًا عن ضغوط النادي الملكي.
شكر تشابي ألونسو واستمرارية الروح الملكية
لم ينسَ أنشيلوتي الإشادة بـتشابي ألونسو، المدرب الجديد لريال مدريد:
“هو معلم في عالم كرة القدم الحديثة، ويعرف كيف يتعامل مع اللاعبين هنا.”
وأكد أن العلاقة مع ريال مدريد ستبقى قائمة، ووصفها بـ"روح العائلة"، مشيرًا إلى أن:
- اللاعبون يعرفون قيمته: كمدرب أعظم من أبرز القلعة البيضاء.
- الجمهور لا يزال يحبه: رغم كل الصعوبات.
انطباع عن اندماج ابنه دافيد في المشروع البرازيلي
في سياق الحديث عن العائلة، أعرب أنشيلوتي عن فخره بانضمام ابنه دافيد إلى الجهاز الفني للمنتخب البرازيلي.
“دافيد سيحصل على فرصته عندما يكون مستعدًا، وفقًا لجدول زمني يتناسب مع استقلاليته وخبراته.”
وأكد أن أبواب المشروع البرازيلي مفتوحة أمام الشبان، وأنه لا يفكر في أي محاباة، بل في تقييم حقيقي لكل فرد ضمن الطاقم الفني.
خريطة المراحل المقبلة والهدف الأسمى
حدد أنشيلوتي أولوياته مع البرازيل:
- تحديد العناصر الأساسية: من الجيل الحالي ومن الشباب الصاعد.
- بناء تشكيلة متوازنة: تجمع بين الخبرة والتجديد.
- خوض مباريات ودية قوية: تشبه في المستوى النهائيات العالمية.
ويرى أن الفوز بكأس العالم 2026 سيكون بمثابة إنجاز خالد في مسيرته، خاصةً إذا تم تحقيقه بأسلوب يعكس هوية البرازيل الأسطورية.
خاتمة… هل تكون البرازيل آخر أوراقه الذهبية؟
بينما يترقب عشاق كرة القدم العالمية رحلة أنشيلوتي الجديدة، يدرك الجميع أن هذه المرحلة قد تكون الأخيرة له في أعلى مستوى.
لكن بالنسبة لمشجعي البرازيل، فهي بداية أمل جديد:
- هل سيُعيد أنشيلوتي السامبا إلى القمة؟
- أم أن التحدي سيكون أكبر من المتوقع؟
الوقت فقط سيجيب، لكن المؤكد الآن أن المغامرة بدأت، والعالم يترقب.