انخراط في عالم جديد
لم يعد هازارد يركّز على المراوغات والتمريرات الحاسمة كما كان يفعل في ملاعب كرة القدم، بل تحول إلى تحدٍّ مختلف يجمع بين قوة التحمل والقدرة البدنية والمرونة الذهنية. وفي تصريحاته للصحيفة البريطانية، أكد أن خطواته الأولى مع الدراجة كانت صعبة، لكنه تنبّه إلى ضرورة زيادة الجرعات التدريبية وخفض بعض الوزن ليصبح أكثر تنافسية في السباقات القادمة.
“لم أتعامل من قبل مع سباق طويل كهذا؛ شعرت بألمٍ في فخذي طوال الطريق، لكنني مصمم على تطوير أدائي تدريجياً”، اعترافٌ يعكس طبيعة الانتقال من رياضة احترافية إلى هواية تتطلّب جهدًا غير مسبوق.
خريطة السباق وصعوباته
يُعد مايوركا 312 من أبرز فعاليات الدراجات الهوائية في أوروبا، إذ:
- يمر عبر تضاريس جزيرة مايوركا كاملةً، بين المرتفعات الساحلية والطرق الجبلية.
- يَرسم مساراً متنوعاً بين انحدارات صاعدة وهبوطية حادة، ما يتطلب قدرة متميّزة على التبديل بين السرعات.
- يستقطب آلاف المتسابقين من كل أنحاء العالم، ويحظى بمتابعة إعلامية واسعة، لا سيما في إسبانيا وألمانيا وهولندا.
وبجانب المسافة الإجمالية، يحفل السباق برموز تاريخية مثل “روبري دي سالور”، التي تصعد إلى ارتفاعات تزيد على 500 متراً، ليختبر المشاركون فيها قوة الدفع والتوازن، قبل أن يواصلوا بقية المسافة نحو خط النهاية على شاطئ بلايا دي مورو.
مسيرة إتمام السباق
بدأ هازارد النهج ببطء في الخمسين كيلومتراً الأولى، محافظاً على وتيرة ثابتة تسمح له بتعوّد عضلات الساقين على الضغط المتواصل. ومع تزايد الانحدار الجبلي، اعتمد على شهادات الدراجين المحترفين، الذين نصحوه بالبقاء ضمن المجموعة الرئيسية (Peloton) للاستفادة من تبادل الرياح وتقليل مقاومة الهواء. وعندما اقترب من النقطة الحرجة في كيلومتر 120، بدا التعب جليّاً على ملامحه، لكن الدعم الجماهيري على طول الطريق دفعه إلى مواصلة المسير.
في اللحظات الأخيرة، استخدم البلجيكي حاملاً الياقة رقم 8723 دفعةً أخيرة للصعود عن الكثبان الرملية التي تسبق بلايا دي مورو، قبل أن يتخطى خط الهدف مشتركاً مع رفاقه في التحدي، وسط تصفيق المتابعين وأجواء احتفالية.
دروس مستفادة وتصريحات شخصية

عقب إنهائه للسباق، أعلن هازارد أنه بالرغم من سعادته بالإنجاز، يدرك بعض النقاط التي يحتاج لتحسينها قبل أن يفكّر بخوض سباقات مماثلة:
- التدريب طويل الأمد: ضرورة زيادة ساعات ركوب الدراجة على فترات متقاربة لضمان القدرة على التحمل.
- التحكم في الوزن: العمل مع خبير تغذية لوضع نظام غذائي متوازن يدعم احتياجات العضلات دون كِسب كتلة دهنية زائدة.
- التخطيط الفني: تعلّم قراءة خارطة الارتفاعات واختيار السرعات المناسبة لكل مرحلة من السباق.
وقال في حديثه: “أريد أن أكون جاهزاً للمشاركة في النسخ المقبلة، وربما أُفكّر في خوض تحدٍّ أطول، لكن المرة القادمة سأبدأ استعداداتي مبكراً وأتعلم من خبرات المتسابقين الذين يتمتعون بخبرة سنوات في هذا المضمار.”
انعكاسات على مسيرته الرياضية
رغم اعتزاله رسميّاً كرة القدم قبل نحو عام، يبقى اسم هازارد مرتبطاً بعشاق اللعبة، الذين تفاجأوا باختياره للدرّاجات كوسيلة لحفظ لياقته ومواصلة المنافسة. وهذه الخطوة:
- تعزز من صورته كرياضي شامل: لا يقتصر على كرة القدم فقط وإنما يمتلك شغفاً لرياضات التحمل.
- تفتح باب التبادل بين مجتمع كرة القدم والدراجات: حيث تحوّل حديث الأندية والجماهير إلى هذا التحدي الجديد.
- تشجع نجوم آخرين على البحث عن بدائل بعد الاعتزال: مثلما فعل فرانك لامبارد مع الجولف أو فيرديناند مع منصة التحليل التلفزيوني.
آفاق مستقبلية

يتخوّل هازارد خطواته القادمة في عدة اتجاهات محتملة:
- المشاركة في سباقات أخرى: مثل إيفرست تشالنج أو جولات محلية مصغّرة تضمن له اكتساب الخبرة التدريجية.
- تأسيس فريق شباب للدراجات: يستقطب لاعبين سابقين أو مواهبٍ شغوفة، ويتيح له دوراً استشارياً أو مديراً فنياً.
- تطوير محتوى رقمي حول الرحلات الرياضية: عبر قناته الرسمية، ليستعرض التحدّيات اليومية وأساليب التدريب.
خاتمة
يبقى مايوركا 312 تجربة ملهمة أضافت فصلاً جديداً في حياة اللاعب البلجيكي، محوّلةً مراحله بعد إنهاء كرة القدم من توقف حتمي إلى انطلاق مشرّف في عالم جديد. وقد يثبت هازارد أن الإرادة القوية والشغف الرياضي لا يعرفان ارتداء قميصٍ محدد، بل يتجاوزان حدود الملاعب إلى أي مجال يتطلّب الاجتهاد والتحدي.