جيرالديز يتحدى الظروف ويعِد بإيقاف ركب الملكي في “سانتياغو برنابيو”

دخل كلاوديو جيرالديز مدرب سيلتا فيجو قاعة المؤتمرات الصحفية مصحوبًا بثقةٍ لا تخطئها العين، رافضًا كل مظاهر الشفقة تجاه ضيفه ريال مدريد قبل مواجهة الجولة الرابعة والثلاثين من الدوري الإسباني 2024–2025. حديث المدرب الأرجنتيني، الذي وصل في الصيف الماضي لخلافة إدواردو كودينا على مقعد المدير الفني، خرج حاسمًا منذ الوهلة الأولى: “نحن سائرون فقط من أجل النقاط الثلاث في البرنابيو”، جملةٌ بليغةٌ لم يسبق لها مثيل في تصريحات سيلتا أمام كبار “الأضواء”.

كيف وصل سيلتا إلى هنا؟

سجّل الفريق الغاليسي في الموسم الجاري 42 نقطة بعد 33 جولة، محتلاً المركز الحادي عشر، مع فارقٍ مريحٍ عن مناطق الهبوط. ورغم أنه لم يضمن البقاء رسميًا بعد، إلا أن استقرار النتائج في الأسابيع العشرة الأخيرة – منها ستة انتصارات وتعادلان على أرضه – منح جيرالديز هامشًا للتفكير في تحدّياتٍ أخرى تتجاوز ضمان بقائه في الليغا.

الريمونتادا مستحيلة؟

لم يخفِ جيرالديز قناع التحدي وهو يعد الجماهير بأداء “كافٍ ليمنع أي فريق في العالم من التفوق على أرضه”. وأضاف: “لا أتحدث عن تاريخ ريال مدريد أو ألقابه، بل عن لاعبي سيلتا الذين يعلمون تمامًا أن الفرصة تدق الآن ليتركوا بصمة”. هذا التحدي المكشوف يأتي في ظل ابتعاد الميرينغي بنقطتين عن الوصافة، وابتعاده بثلاثٍ عن برشلونة المتصدر، ما يجعل أي تعثر – حتى لو كان أمام فريقٍ وسطى مثل سيلتا – محفوفًا بالمخاطر.

آلام الملكي قبل الكلاسيكو

انطلق ريال مدريد يوم الثلاثاء الماضي بألمٍ مزدوج: الخروج من نصف نهائي كأس الملك أمام برشلونة (2-3 في “لا كارتوخا”)، ثم تصفية حسابات جماهيرية حادة مع قناته الرسمية التي وجهت اتهاماتٍ للتحكيم قبل أيام، ووصفت الحكم خيل مانزانو بأنه “ورقة فساد” عقب الشكوى من إلغاء هدف جود بيلينجهام في لقاء فالنسيا الموسم الماضي. “أنا لا أشاهد قناة ريال مدريد من الأساس”، صرخ جيرالديز في وجه الضغط الإعلامي، واضعًا نفسه وأبناءه في سيلتا خارج كل هذا الصخب.

مواقف جريئة أمام الإعلام

شملت تصريحات مدرب سيلتا أيضًا نقدًا ضمنيًا للخطاب الإعلامي المحيط بالميرينغي، فقال: “لقد رأيت عناوينٍ تنقل رأيًا واحدًا دائمًا، ولكن كرة القدم هي أكثر من قناة أو صحيفة”. هذا الموقف أعاد إلى الأذهان لحظةً مشابهة حين تحدى يوب هاينكس جمهور بايرن ميونيخ قبل مواجهة نهائية، مؤكدًا أن “أحجام النوادي لا تلعب على أرض الواقع”.

التحضير للمباراة

من الناحية الفنية، يخطط جيرالديز لإعادة بناء تشكيلته حول دفاعٍ صلبٍ يجيد التحولات السريعة. يعتمد في الأسابيع الماضية على الثلاثي نوريوس-ميليتاو-إيباربو في الدفاع، مع توظيف سرعة بريسكوفيفيتش وحاسة الصيد لدييغو جوفانيني في الهجوم. وقد أوضح المدرب الأرجنتيني: “سنضغط عاليًا على حامل الكرة، ونحاول استغلال أي ذرة هفوة في وسط ملعب مدريد، لأن هذه هي فرصتنا الذهبية”.

إحصائيات ساوث لتأكيد التحدي

يرى محللو “ماركا” و”موندو ديبورتيفو” أن سيلتا هو صاحب أفضل نسبة استرجاع للكرة في المناطق المحاذية لثلاثين مترًا أمام المرمى، بمتوسط 15 مرة في المباراة الواحدة، ما يجعل قدرته على إرباك خطوط الملكي أمرًا ممكن الحدوث. كما أشاروا إلى أن الفريق الغاليسي حافظ على شباكه نظيفة في 40% من مبارياته على أرضه، مقارنةً بـ35% لريال مدريد بصفته الضيف.

ردود الفعل على مواقع التواصل

تصدّر هاشتاج #سيلتا_يذهل_البرنابيو منصات التواصل الإسبانية، حيث اعتبر عددٌ من المشجعين أن جيرالديز لا يبالغ في طموحه، معتبرين أن “سيلتا الغاضب” هو التحدي الأصعب بالنسبة للريال في جولةٍ حاسمةٍ قبل موقعة الكلاسيكو. بينما سخر آخرون من تصريحات قناة النادي الملكي “التي لا يشاهدها أحد سوى متابعيها”.

رهانٌ مزدوجٌ على الدوري والكلاسيكو

إن فوز سيلتا سيُدخله المربع المتقدم للمناطق المؤهلة لأوروبا مؤقتًا، بينما قد يؤدي هزيمة الملكي إلى توسيع رقعة اليأس قبل مواجهة الكلاسيكو المرتقبة بعد تسعة أيام. ويختم جيرالديز حديثه مخاطبًا اللاعبين: “الملعب لا يكذب، والنقاط لا تُشترى بإعلامٍ أو تاريخٍ، وإنما بالعمل على أرض الواقع”.

تبقى الساعات معدودةً حتى انطلاق صافرة بداية المواجهة، حيث سيجتمع الطموح الغاليسي مع الجراح الملكية في معركة تؤكد مرة أخرى أن كرة القدم الإسبانية ليست حكرًا على الكبار فقط.