في ليلةٍ لا تُنسى داخل مقرّ احتفالات جالطة سراي بإسطنبول، ضربت جماهير “الأسود الحُمر” أروع الأمثلة على الولاء والشغف، حين اجتمعت على هامش الاحتفالات بثنائية الدوري والكأس التركية، مرددين هتافاتهم المدوية التي طالبت نجمهم النيجيري فيكتور أوسيمين بالبقاء وعدم الانتقال إلى الهلال السعودي، رغم العروض القياسية التي يحظى بها المهاجم الشاب.
أوسيمين شُعلة الهدف في “تركيا 2024–2025”
منذ وصوله إلى جالطة سراي معارًا من نابولي مطلع الموسم الجاري، سرعان ما فرض أوسيمين نفسه كأكثر صفقات الشتاء تألقًا في الدوري التركي. المهاجم البالغ من العمر 26 عامًا أنهى مشواره مع “الأسود الحُمر” في المسابقة المحلية وهو متصدّر لائحة الهدافين برصيد 25 هدفًا في 29 مباراة، بالإضافة إلى 5 أهداف في كأس تركيا، و6 أخرى في الدوري الأوروبي، ليقود فريقه إلى تحقيق الثنائية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة. أداءٌ كان كفيلاً بإثارة اهتمام كبار القارات، وعلى رأسهم الهلال السعودي ويوفنتوس الإيطالي ومانشستر يونايتد الإنجليزي.
“لا تذهب.. إسطنبول تحتاجك”
تزامنًا مع الأنباء التي تداولتها صحيفة “الرياضية” السعودية عن توصل الهلال لاتفاق مبدئي مع أوسيمين على عقد يمتد لثلاثة مواسم بقيمة 75 مليون يورو (قيمة الشرط الجزائي في عقده مع نابولي)، خرجت جماهير جالطة سراي في مشهد مهيب. مع حلول حافلة الفريق عند بوابة الملعب، اجتمع الآلاف من المشجعين في “الحي الرطب” حاملين لافتات كتبت عليها عبارات مثل “بقاء أوسيمين وطننا” و“إسطنبول لا تكتمل بدون هدافنا”، وسط هتافات صاخبة:
“يا أووسي… يا أووسي… لا تبيع قلبك للأخضر!”
“كلنا أوسيمين… كلنا بطولة!”
هذا الزخم دفع بالمهاجم الشاب إلى الانحناء أمام الجماهير، رافعًا يديه تحيةً لهم، ومبتسمًا بامتنان لتلك اللحظة التي عبرت عن عمق العلاقة المتبادلة بين اللاعب وناديه.
صراع العروض والخيارات الصعبة

بحسب معلومات نقلتها “الرياضية”، فإن أوسيمين لم يكتفِ بتقييم عرض الهلال فقط، بل فتح أيضًا خط المفاوضات مع نادي “نيوم” السعودي الشهير بميزانيته الضخمة، بعد مشاكل تعاقدية مع وكيله السابق. ورغم الإغراءات المالية الهائلة التي تصل إلى 75 مليون يورو لدفع بند الإعارة الدائم، يبقى اللاعب أمام مفترق طرق: الاستمرار في إسطنبول حيث الثقة العاطفية والشعبية الجارفة، أم خوض تجربة جديدة في آسيا مع الهلال الذي يستعد للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025.
مستجدات خلف الكواليس
نشرت بعض المصادر الصحفية التركية أن الجهاز الفني لجالطة سراي بقيادة سينان بولات قد أرسل رسالة غير رسمية لأوسيمين مفادها: “ستجد هنا كل الدعم للانطلاق أكبر، وستكون وجهتنا الموسم المقبل بلوغ أدوار متقدمة في دوري الأبطال الأوروبي.” في المقابل، يُقال إن الهلال وضع شرطًا جزائيًا إضافيًا يتعلق بمكافآت الأهداف والبطولات التي يحققها، وهو ما ينوي اللاعب دراسته بعناية قبل اتخاذ القرار النهائي.
تأييد جماهيري رسمي وإعلامي واسع
لم تقتصر مظاهر الوفاء على الشوارع فقط، بل اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغات تركية دعا فيها المشجعون إدارة النادي إلى تجديد عقد أوسيمين فورًا براتبٍ أعلى وشروطٍ جزائية تحفظ حقوق الفريق. وفي الوقت نفسه، تداولت حسابات إخبارية خليجية تغريدات تشيد بقدرة الهلال على جلب واحد من أبرز هدافي أوروبا، معتبرةً أن انتقاله إلى السعودية سيكون “صفقة الموسم” بامتياز.
ماذا يعني بقاء أوسيمين لجالطة سراي؟

1. استقرار فني ونفسي: استمرارية أوسيمين تعني بقاء هدّاف الدوري ضمن التشكيلة الأساسية، مما يعزز حظوظ الفريق في المضي قدمًا نحو دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
2. قوة تسويقية: يتحوّل اللاعب النيجيري إلى علامة تجارية للنادي، مع زيادة في مبيعات القمصان وتذاكر المباريات وارتفاع جماهيري غير مسبوق.
3. تحدٍ شخصي: يواجه أوسيمين فرصة حقيقية للتحول من هدّاف مؤقّت إلى أسطورةٍ حقيقية في تاريخ جالطة سراي، خصوصًا إذا قاد الفريق لتحقيق مزيد من الألقاب.
تحديات في الانتقال والهلال بانتظار إجابة
رغم الإغراءات المالية الكبيرة، لا تنقص المغامرة في السعودية تحديات منها الأجواء المناخية المختلفة، وضغوط الجماهير السعودية المتعطشة للألقاب، إضافةً إلى المنافسة المحلية القوية مع أنديةٍ مثل النصر والاتحاد. ومع ذلك، فإن المشاركة في كأس العالم للأندية قد تكون بمثابة منصة مثالية لأوسيمين لعرض موهبته أمام العالم، لا سيما إذا نجح في قيادته لتحقيق إنجازاتٍ تاريخية.
النهاية بين إسطنبول والرياض
حتى اللحظة، يبقى القرار بيد فيكتور أوسيمين نفسه، الذي نجاحه المذهل في الموسم الجاري وضعه تحت المجهر الدولي. فهل يلبّي نداء جماهير جالطة سراي ويواصل رحلة الأمجاد في قلب إسطنبول، أم يقبل التحدي الجديد مع الهلال السعودي؟ مهما كانت وجهته المقبلة، ستظل قصة “الأسد النيجي” محط أنظار عشاق الكرة في الشرق الأوسط وأوروبا على حدٍّ سواء.