من بوابة باير ليفركوزن إلى دائرة الأضواء
بدأ مسار فلوريان فيرتس مع باير ليفركوزن عندما ترقّى سريعاً من الأكاديمية المحلية نظراً لما يتمتع به من مهارات فنية عالية ورؤية ممتازة في بناء اللعب، وقد أظهر موهبة استثنائية أثناء مشاركاته الأولى في الدوري الألماني حتى بات يُعتبَر من أبرز المواهب الشابة في قارة أوروبا. مساندته لزملائه في تسجيل الأهداف وصناعة الفرص جعلته هدفاً دائماً لعملاقي بافاريا ميونيخ ومانشستر سيتي الذين يتابعانه منذ سنوات. ورغم العروض المغرية التي تلقاها في المواسم السابقة إلا أن رغبته في إثبات جدارته في البوندسليجا أعطت لباير ليفركوزن فرصة للاحتفاظ به لبضعة مواسم، حتى قاد فريقه للمنافسة على المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا وشارك في بعض المباريات القارية بأداء لافت.
رمز التوقيع وإشارات فيرتس
في نهاية الأسبوع الماضي أطلّ فلوريان فيرتس على متابعيه بنشر صورة له وهو يُوقع أوتوغرافات لأحد المعجبين، ورافقها تعليق رمزي عبارة عن رمز توقيع باليد الذي يعبر عن حسم الموضوع؛ فما إن ظهرت الصورة حتى انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي وكشفت عن توجه واضح للخطوة التالية في مشواره الاحترافي. ووفق ما أورده موقع ذا أثليتيك فإن هذا التصرف لم يكن صدفة بل رسالة تحمل قرينة قوية على رغبة اللاعب في الانتقال إلى ليفربول بعد طول انتظار، خاصة وأن النادي الإنجليزي يواصل العمل على تسويق عرض جديد لضم اللاعب بصفقة قياسية تقدّر بنحو 130 مليون يورو.
تفاصيل العرض الأول وخطط باير ليفركوزن

قدّم ليفربول عرضاً أولياً إلى إدارة باير ليفركوزن بقيمة قريبة من 100 مليون يورو إلا أن النادي الألماني رفضه مفضِّلاً عدم الإفرط في أبرز عناصره الموسم الماضي قبل انتهاء الموسم الكروي. ولكن مع اقتراب الموعد النهائي لإغلاق سوق الانتقالات بدأت المؤشرات تتصاعد في صالح الطرف الإنجليزي بعد تقارير أفادت برغبة فيرتس في خوض تجربة جديدة في الدوري الإنجليزي، وما عزّز احتمالات الصفقة هو ضغط البند الذي يحفظ لللاعب حرية الاختيار في حال وصول عرض بقيمة كبيرة تقترب من الشرط الجزائي في عقده. ويرتبط عقد فيرتس مع ليفركوزن حتى صيف 2026 مع إمكانية التمديد لأكثر من موسم إذا ما استقر الطرفان على ذلك، لكن هناك رغبة مشتركة في إيجاد منفذ يسمح بجعل رحيل اللاعب محور النقاش قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الجارية.
الندية الشرسة بين كبار أوروبا
لم يُخفِ بايرن ميونيخ ورغبتهم الملحة في ضم فسحة إبداعية في وسط الملعب لتعويض رحيل بعض نجومه كما أعلن مسؤولو النادي البافاري في أكثر من تصريح علني خلال الأسابيع الماضية، لكن ما عطّل المفاوضات هو التأكيد على عدم تجاوز سقف الإنفاق المحدّد لدى النادي للدفع بأزمات مالية لاحقة، خصوصاً في ظل الالتزامات الإنتاجية التي فرضها قانون اللعب المالي النظيف داخل ألمانيا. كذلك ربطت بعض التقارير اسم اللاعب بمانشستر سيتي الذي يبحث عن إضافة شخصية قادرة على التأثير في المباريات الكبرى وسيطر فيرناندينيو بأحد أدوار لاعب الوسط الدفاعي حتى تجاوز الثلاثين، وهو ما حفّزهم للبحث عن بدائل شابة ذات قيمة مضمونة. إلا أن تمسك فيرتس برغبته في خوض تجربة الدوري الإنجليزي مع فريق ينافس بانتظام على دوري الأبطال، وما يوفّره أنفيلد من حماس جماهيري وأجواء مشجعة للاعبين، حسم الخيارات في النهاية لصالح ليفربول.
كيف يراه كلوب وما هي خطة الريدز المستقبلية

يسعى المدير الفني لليفربول يورغن كلوب إلى ترسيخ خطته التكتيكية القائمة على الضغط العالي واستحواذ الكرة وبناء اللعب من العمق، وهو ما يتماشى تماماً مع إمكانيات فلوريان فيرتس الذي يتمتع بسرعة فائقة وقدرة على التمرير في المساحات بين الخطوط وجعل الخطورة تُولد من لمسة واحدة. ويعتقد كلوب أن دمج فيرتس في التشكيلة سيُعطي للفريق مرونة أكبر خصوصاً في الخط الأمامي حيث يعتمد المدرب الألماني على أسلوب هجومي متعدد المراكز. وقد أشار مقربون من الجهاز الفني إلى أن كلوب سيستخدم فيرتس في مركز خط الوسط المتقدم أسفل رأس الحربة أو ربما في الجناح الأيسر، مع إمكانية الاستفادة منه كخيار احتياطي في أوقات الضغط من مقاعد البدلاء لإحداث التغيير السحري في المباريات الصعبة.
تأثير الصفقة على المستوى القاري والمحلي
إذا نجح ليفربول في إتمام الصفقة سيصبح فيرتس أغلى لاعب ينضم للفريق منذ أكثر من عقد من الزمن، ما يشير إلى مدى الجدية التي يضعها النادي للحفاظ على مكانته بين كبار أوروبا. هذا الأمر سيعزز مكانة الريدز في سوق الانتقالات ويعيد إشعال روح المنافسة بينهم وبين مانشستر سيتي وبايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان. كما سيفتح الباب أمام متابعة جيل جديد من اللاعبين الشباب، إذ يُتوقع أن يستلهم عدد من المواهب الصاعدة من أكاديمية الريدز رغبتهم في حجز مكان لهم أسفل قيادة كلوب.
احتمالات كبيرة واستثناء محتمل
رغم كل هذه التطورات يبدو أن العقبة الوحيدة أمام إتمام صفقة فيرتس تتمثل في رغبة ناديه الحالي باير ليفركوزن في ضمان بديل جاهز للعب دور اللاعب الشاب، وكذلك في السعر الضخم غير المسبوق بالنسبة لصفقة لاعب متوسط ميدان لم يجتز بعد سن الخامسة والعشرين. ورغم ذلك فإن العلاقة الطيبة بين مسؤولي آندي راينالدي المدير الرياضي لليفربول ونظرائهم في باير ليفركوزن قد تلعب دوراً في تسريع المفاوضات، خصوصاً إذا أبدى كلوب استعداده لدعم باير ليفركوزن بعرض لاعبين شابين ضمن إطار تبادل يسمح للجماهير الألمانية بمتابعة نجمها في إنجلترا والتفكير بمستقبل تراكمي للفريق.
الوضع النهائي: انتظار القرار
في الختام يبقى مصير فلوريان فيرتس معلقاً بين رغبة اللاعب نفسها وطموح ليفربول وجدية عرض النادي الإنجليزي من ناحية، وبين رغبة باير ليفركوزن في الحفاظ على استمرارية مشروعه الرياضي وتحقيق المزيد من النجاحات على الصعيد الأوروبي من ناحية أخرى. ومع حصول كل هذه التفاصيل على زخمه الإعلامي واهتمام الصحف الأوروبية الكبرى، فإن الجماهير في كل مكان تنتظر إتمام الصفقة خلال الأيام القليلة القادمة قبل إغلاق سوق الانتقالات الصيفية الممتد حتى نهاية أغسطس 2025. وإذا كان رمز التوقيع في منشور فيرتس إشارة قوية إلى قراره النهائي، فإن الساعات المقبلة ستكشف مصير واحد من أكبر مواهب كرة القدم العالمية.