منع التسريبات قبل معارك الدوري
يدرك هانسي فليك من قلب غرفة ملابس برشلونة أهمية عزل نجومه عن الضغوط الإعلامية والاجتماعية، فبعد تأهل الفريق إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وانتظاره مواجهة إنتر ميلانو الإيطالي، أعلن المدرب الألماني تعليماته الصارمة بعدم التطرّق نهائيًا لأي حديث عن الكلاسيكو المنتظر أمام ريال مدريد.
على غرار الجولات الماضية التي اعتمد فيها على فلسفة التركيز التام على المباراة المقبلة، تكرّرت الاستراتيجية مجدّدًا؛ إذ اعتبر فليك أن التفكّر في الألقاب أو المبارايات العالية السطوع قبل الاستحقاقات المحلية والاوروبية الفعلية قد يشتت اللاعبين ويمنح الخصوم مساحة إضافية لاستغلال أي ارتباك نفسي.
خلفيات القرار التأديبية
يشكل الحديث المسبق عن مواجهات الكلاسيكو حافزًا للجماهير والإعلام، لكنه أحيانًا ما يخلق ضغطًا إضافيًا على اللاعبين، خاصة عند الدخول إلى نهائي كأس الملك أو عندما تكون النقاطُ شحيحة في سباق الدوري. ولذلك، عمد فليك إلى:
1. إجراء جلسات ذهنية
نفّذ خبراء نفسيون جلساتٍ مع لاعبي برشلونة لشرح أهمية التدرّج في التفكير بالمنافسات، وعدم الانجراف خلف الإثارة الإعلامية.
2. تحديد الأولويات

كل يومٍ له مهمته؛ فبعد مباراة الليغا، ينصب التركيز على الكأس، ثم الاستعداد لتحدّ نصف النهائي القاري.
3. فرض قواعد تواصل داخلية
أي حديث صحفي أو معلومات مسربة عن توجهات الفريق تُعرض للمساءلة، الأمر الذي يعيد الانتباه إلى أهمية السرية التكتيكية.
تأثير السياسة على الأداء
بالمقارنة مع الأعوام السابقة، ظهر لاعبو برشلونة أكثر اتزانًا في ترتيب الأولويات هذا الموسم. فبينما استفاد ريال مدريد من الإقصاء المبكّر من دوري الأبطال لصالح الاسترخاء النفسي، نجح البلاوغرانا في مواصلة الانتصارات المتتالية محليًا وقاريًا.
- الاندفاع الهجومي: حافظ الفريق على معدل تسجيلٍ قاربه 2.1 هدفًا في كل مباراة بدوري الأبطال.
- الصلابة الدفاعية: لم يستقبل سوى هدفٍ وحيد في آخر أربع مواجهات قارية، ما يعكس التركيز التكتيكي الذي فرضه المدرب على الخطوط الخلفية.
- الجاهزية البدنية: برزت قدرة اللاعبين الشابة على تنفيذ الضغط العالي، خصوصًا في منتصف الملعب حيث يتألّق لوك دي يونغ وأنسو فاتي.
جدول المواجهات الحاسمة
- سيلتا فيجو (الليغا): اختبار لاستمرارية الانتصارات قبل نهائي الكأس.
- ريال مايوركا (الليغا): تأكيد على صدارة جدول المسابقة.
- نهائي كأس ملك إسبانيا ضد ريال مدريد: الفرصة الذهبية لإحراز لقب داخلي قبل كأس العالم للأندية.
- نصف نهائي دوري الأبطال أمام إنتر ميلانو: محطة كبرى لاستعادة اللقب الغائب منذ خمسة أعوام.
- الكلاسيكو الرابع (الجولة الخامسة والثلاثون): المواجهة التي قد تحسم لقب الدوري بين الفريقين.
ثمار الانعزال الذهني

في الموسم الحالي، بدا على نجوم البلاوغرانا هدوء ملحوظ داخل أرضية الميدان، إذ تفادوا الأخطاء الفردية التي كانت تكلفهم النقاط في الماضي، وحرصوا على الحفاظ على معدل استحواذ مرتفع تجاوز 62% في الليغا. وقد أشار أنطوان غريزمان صوبًا إلى أن الابتعاد عن “الضوضاء” الإعلامية ساعده على زيادة تركيزه أمام المرمى، بينما كشف فيران توريس عن شعوره بالراحة النفسية في غرفة الملابس نظراً للانضباط المعتمد من قِبل المدرب.
تحديات ما بعد العزل
رغم كفاءة الخطة الحالية، يواجه فليك تحديات مستقبلية تتمثل في قدرة اللاعبين على العودة تدريجيًا للتعامل مع التوقعات الإعلامية والاجتماعية بعد الانتهاء من سلسلة المباريات الحاسمة. وفي حال تحقيق الثلاثية—الليغا، الكأس، والشامبيونز ليغ—ستكون النقلة التكتيكية والأخلاقية التي فرضها الألماني درسًا للفريق في كيفية إدارة النجاحات والضغوط معًا.
في المجمل، يبدو أن استراتيجية “الانقطاع عن ضجيج الكلاسيكو” من ستوتهام قد نجحت في رفع مردود برشلونة وحصنه نفسيًا. والضوء الأخضر الآن مفتوح أمام اللاعبين للاستعداد الذهني والفني للمرحلة الأخيرة من الموسم، على أمل أن تُكلّل هذه السياسة المستحدثة بأول ثلاثة ألقاب كبرى تحت قيادة هانسي فليك.