أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن قراره الحاسم بإيقاف اتحادي الكونغو وباكستان وحرمان منتخباتهما من المشاركة في المسابقات الدولية، وذلك بسبب مشكلات إدارية وقانونية تتعلق بتدخلات في شؤون اتحادات كرة القدم المحلية. وجاء هذا القرار مساء الخميس، ليضع المنتخبين في موقف صعب قبل الاستحقاقات المقبلة، وخاصة بالنسبة للكونغو التي تستعد لتصفيات كأس العالم 2026.
أزمة الكونغو.. تدخل حكومي يقود إلى الإيقاف
جاء قرار إيقاف الاتحاد الكونغولي لكرة القدم نتيجة لما وصفه الفيفا بأنه تدخل حكومي خطير في إدارة شؤون الاتحاد المحلي. ووفقًا للبيان الرسمي، فإن المشكلة تتعلق بقرار وزير الرياضة الكونغولي أوغ نغويلونديليه بتشكيل لجنة خاصة لتولي شؤون الاتحاد المحلي، وهو ما اعتبره الفيفا انتهاكًا صارخًا لاستقلالية الاتحاد المحلي، وهو مبدأ أساسي تحرص عليه الفيفا في جميع الدول الأعضاء.
وأكد مكتب مجلس الفيفا، في رسالة نشرتها وكالة “فرانس برس”، أن عضوية الكونغو موقوفة حتى إشعار آخر، مما يعني أن المنتخب الكونغولي بجميع فئاته، وكذلك الأندية الكونغولية، لن تكون قادرة على المشاركة في أي بطولات قارية أو دولية حتى يتم رفع الإيقاف رسميًا.
ويأتي هذا القرار في توقيت حرج للغاية بالنسبة للمنتخب الكونغولي، حيث كان يستعد لخوض مواجهتين مهمتين في تصفيات كأس العالم 2026 ضد كل من تنزانيا وزامبيا خلال شهر مارس المقبل. ويقبع المنتخب حاليًا في المركز الخامس والأخير في مجموعته بعد تعرضه لهزيمتين متتاليتين، في مجموعة تضم منتخب المغرب المتصدر برصيد 9 نقاط كاملة من ثلاث مباريات، بعد انسحاب منتخب إريتريا من التصفيات.
باكستان تواجه الإيقاف بسبب القوانين الانتخابية
لم تكن الكونغو وحدها التي تعرضت للعقوبة، حيث قرر الفيفا أيضًا إيقاف عضوية الاتحاد الباكستاني لكرة القدم، لكن لأسباب مختلفة تتعلق بالقوانين الانتخابية داخل الاتحاد. وأوضح البيان الرسمي أن الإيقاف جاء بسبب عدم امتثال الاتحاد الباكستاني لمراجعة قوانينه الانتخابية وفقًا للمعايير المطلوبة من الفيفا والاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وأشار الفيفا في بيانه إلى أن هذه العقوبة “ستظل سارية حتى يقوم مؤتمر الاتحاد الباكستاني بإقرار النظام الأساسي الجديد المقدم من الفيفا والاتحاد الآسيوي مما يعني أن الكرة الباكستانية ستظل معزولة دوليًا حتى يتم حل هذه الإشكاليات القانونية.
تداعيات الإيقاف على الكرة الكونغولية والباكستانية

يُشكل الإيقاف ضربة موجعة لكرة القدم في كل من الكونغو وباكستان، حيث ستُحرم منتخباتهما الوطنية من المنافسة على المستوى الدولي، وهو ما سيؤثر على تطور اللعبة في البلدين.
بالنسبة للكونغو، فإن الإيقاف يعني أن المنتخب لن يتمكن من استكمال مشواره في تصفيات كأس العالم 2026، مما يُضعف من فرصه في العودة للمنافسة على الساحة الإفريقية. كما ستُحرم الأندية الكونغولية من المشاركة في البطولات القارية مثل دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية الإفريقية، وهو ما يُعد خسارة اقتصادية وفنية كبيرة للأندية المحلية.
أما بالنسبة لباكستان، فإن العقوبة ستؤدي إلى تجميد أنشطة المنتخب الأول في التصفيات الآسيوية، بالإضافة إلى منع الأندية الباكستانية من المشاركة في البطولات القارية مثل كأس الاتحاد الآسيوي. كما أن ذلك قد يؤثر على جهود تطوير كرة القدم في البلاد، التي تسعى للنهوض باللعبة رغم ضعف تاريخها الكروي.
الفيفا يواصل فرض قوانينه بصرامة
يُظهر هذا القرار مدى التزام الفيفا بتطبيق قوانينه بصرامة على جميع الدول الأعضاء، حيث يسعى لضمان استقلالية اتحادات كرة القدم ومنع أي تدخلات حكومية أو مشاكل إدارية تؤثر على سير اللعبة. وسبق للفيفا أن فرض عقوبات مشابهة على دول أخرى في السنوات الأخيرة، أبرزها الكويت وإندونيسيا ونيجيريا، بسبب قضايا مماثلة تتعلق بالتدخل الحكومي في شؤون كرة القدم.
كما أن الاتحاد الدولي يُشدد على ضرورة امتثال جميع الدول الأعضاء للوائح الانتخابية والإدارية التي يضعها، لضمان نزاهة العمليات الانتخابية داخل الاتحادات الوطنية، وهو ما دفعه لاتخاذ قرار الإيقاف بحق باكستان حتى يتم تعديل القوانين بما يتماشى مع متطلبات الفيفا والاتحاد الآسيوي.
ما التالي للكونغو وباكستان؟

بالنسبة للكونغو، فإن الحل الوحيد لرفع الإيقاف يكمن في إلغاء التدخل الحكومي وإعادة إدارة الاتحاد المحلي إلى المسؤولين المنتخبين، مع تقديم ضمانات بعدم تكرار هذه المشكلة مستقبلاً. أما باكستان، فستحتاج إلى إقرار القوانين الانتخابية الجديدة وفقًا لمعايير الفيفا، وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت.
وفي حال استمرار الإيقاف لفترة طويلة، فقد تواجه الكرة في البلدين تحديات كبيرة في تطوير المواهب الكروية، حيث لن يتمكن اللاعبون من خوض مباريات دولية أو الالتحاق بالأندية الخارجية بسهولة، مما قد يُعرقل مسيرتهم الاحترافية.
هل نشهد حل الأزمة قريبًا؟
من المتوقع أن تبدأ المحادثات بين الفيفا والجهات المعنية في البلدين لإيجاد حلول تُعيد المنتخبات الوطنية للمنافسات. ولكن بالنظر إلى تعقيد المشكلة، لا يبدو أن الحل سيأتي سريعًا، مما يعني أن جماهير الكرة في الكونغو وباكستان قد تضطر للانتظار لفترة أطول قبل رؤية منتخباتها تعود للملاعب الدولية.
ختامًا، الفيفا يبعث برسالة قوية لجميع الاتحادات
هذا القرار يُرسل رسالة واضحة لجميع الاتحادات الوطنية بأن الفيفا لن يتهاون مع أي تدخل حكومي أو مشاكل إدارية قد تُعرقل نزاهة اللعبة. ومع تزايد التحديات التي تواجه كرة القدم العالمية، يبدو أن الفيفا عازم على فرض قوانينه بصرامة، لضمان استقرار وتطور اللعبة في جميع أنحاء العالم.