أولى حكايات الجدال في دوري روشن السعودي للمحترفين
في دوري روشن السعودي للمحترفين، برزت قضية مثيرة للدهشة، حيث أعلن القانوني الرياضي أحمد الشيخي عن إيقاف أحد اللاعبين لمدة أربع سنوات كاملة نتيجة تناول منشطات، رغم أن اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات كانت قد قررت في البداية توقيفه لمدة ثلاثة أشهر فقط بعد ثبوت تناوله مواد منشطة قبل إحدى المباريات. وما زاد من الغموض أن اللاعب، بحسب ما أفاد به الشيخي، لم يتعمد تناول المادة المنشطة، إذ جاء الأمر نتيجة شربه قهوة قبل المباراة. ومع تدخل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA) في هذه القضية، تم تغيير العقوبة إلى أربع سنوات، فيما حاول بعض التقارير الصحفية نفي صحة الحادثة، مؤكدين عدم وجود أي قضية مشابهة. إلا أن الشيخي صرح بحزم أنه يمتلك الأدلة الكافية لإثبات الواقعة، مع تفضيله عدم الكشف عن اسم اللاعب حفاظًا على إنسانيته.
تسوية مثيرة للجدل مع نجم التنس الإيطالي يانيك سينر
على صعيد آخر، شهدت قضايا المنشطات في عالم التنس تسوية غير معتادة مع النجم الإيطالي يانيك سينر، الذي يُصنَّف ضمن أفضل اللاعبين عالميًا. ففي بطولة إنديان ويلز للماسترز، ظهرت عينتان أوليتان إيجابيتان في اختبار المنشطات لدى سينر، لكن لجنة النزاهة في الاتحاد الدولي للتنس قررت عدم معاقبته، بحجة أن المادة دخلت جسده عن غير قصد نتيجة تلوث أثناء تلقيه جلسات العلاج الطبيعي. لم تكتفِ الجهات المختصة بذلك، إذ تدخلت وكالة WADA ورفعت استئنافًا أمام المحكمة الرياضية الدولية “كاس”، حيث كان من الممكن أن تصل العقوبة إلى أربع سنوات. وفي خطوة مفاجئة، قبلت الوكالة تقديم تسوية تقتضي بتوقيف سينر لمدة ثلاثة أشهر فقط مقابل سحب الاستئناف، ما دفع النجم الإيطالي للموافقة على التسوية خوفًا من عقوبة أشد. هذا القرار أثار استياء العديد من نجوم التنس العالميين، بمن فيهم نوفاك جوكوفيتش ودانييل ميدفيديف، الذين أعربوا عن استيائهم من ما اعتبروه معاملة خاصة وغير عادلة مقارنة بقضايا أخرى.
قضية إيجا شيفونتيك وما خلفها من جدل في عالم التنس
لم تقتصر الفضائح على قضية سينر فقط، بل شهدت التنس أيضًا حادثة مع اللاعبة البولندية إيجا شيفونتيك، التي سقطت في اختبار المنشطات خلال شهر أغسطس 2024. تم التأكد من تناولها مادة “تريميتازيدين” المحظورة خارج منافسات المباريات، مما أدى إلى تخفيف العقوبة إلى توقف شهري فقط، نظراً لأن اللاعبة بررت أنها تناولت المادة عن غير قصد. وفي مقابلة تلفزيونية مع إحدى القنوات البولندية، أفادت شيفونتيك بأنها أنفقت مبالغ كبيرة تصل إلى 70 ألف دولار على استشارات قانونية وخبراء لإثبات براءتها. هذا الأمر أثار تساؤلات واسعة بين اللاعبات الأخريات، حيث عبرت بعضهن عن مخاوفهن من عدم قدرة الفئات الأقل تصنيفًا على تحمل تكاليف مماثلة للدفاع عن نفسها، مما يعكس الفجوة بين الرياضيين في التعامل مع مثل هذه القضايا.
تحديات بول بوجبا أمام قوانين المنشطات

ومن جانب آخر، جاءت قضية النجم الفرنسي بول بوجبا لتسليط الضوء على اختلاف سياسات الجهات المعنية في التعامل مع المنشطات. ففي أغسطس 2023، وبعد مباراة مع فريق يوفنتوس ضد أودينيزي في الدوري الإيطالي، تعرض بوجبا لتهمة تناول مادة منشطة يُزعم أنها ترفع مستويات هرمون التستوستيرون. وعلى عكس الحالات السابقة، لم تتدخل وكالة WADA في القضية بشكل مباشر، بل استمر الصراع بين بوجبا والجهات الإيطالية المختصة بمكافحة المنشطات. وقد جاء قرار المحكمة الرياضية الدولية “كاس” في أكتوبر 2024 بتخفيض العقوبة من أربع سنوات إلى 18 شهرًا، وهو ما مكن النجم الفرنسي من إنهاء فترة الإيقاف في مارس 2025 والعودة سريعًا إلى الملاعب، مما أثار الكثير من التساؤلات حول مدى اتساق تطبيق العقوبات في مثل هذه الحالات.
وجه آخر للجدل في قضية النجم السعودي فهد المولد
تظهر قضية النجم السعودي فهد المولد مثالاً آخر على تناقض القرارات، إذ أُدين بتناول مادة منشطة في مايو 2022 وتم توقيفه لمدة 18 شهرًا من قبل اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات. لكن محاميه تمكن من تقديم تقرير طبي يثبت أن المادة كانت جزءًا من علاج طبي شرعي، ما أدى إلى تخفيض العقوبة إلى ثلاثة أشهر من قبل مركز التحكيم السعودي. ورغم ذلك، لم ترضَ وكالة WADA هذا القرار، فاختارت الاستئناف أمام المحكمة الرياضية الدولية “كاس”. وفي النهاية، تم التوصل إلى تسوية تقضي بإيقاف المولد لمدة 18 شهرًا، وهو ما أثار جدلاً واسعًا حول معايير تطبيق العقوبات في الحالات التي يكون فيها التفاوت واضحًا بين الرياضيين المختلفين. وتجدر الإشارة إلى أن المولد حالياً في حالة حرجة بعد حادث سقوط من غرفة منزله في دبي، مما يزيد من الأبعاد الإنسانية لهذه القضية.
نظرة عامة على تباينات قرارات المنشطات
تشير هذه الحوادث المتعددة إلى وجود فروقات كبيرة في معاملة الجهات المختصة لقضايا المنشطات، مما يثير تساؤلات حول عدالة هذه القرارات ومدى تأثير العوامل المالية والقانونية في تحديد العقوبات. ففي بعض الحالات، يتم تقديم تسويات مخففة بناءً على ظروف خاصة أو بموجب مبالغ مالية كبيرة، بينما تُفرض عقوبات صارمة في حالات أخرى دون أخذ التفاصيل الدقيقة في الاعتبار. هذا التباين أدى إلى شعور العديد من الرياضيين والجماهير بعدم المساواة في تطبيق القوانين، وهو ما يتطلب إعادة النظر في السياسات والإجراءات المعمول بها.
آفاق مستقبل مكافحة المنشطات

إن تزايد القضايا والتسويات المختلفة في عالم المنشطات يشير إلى الحاجة الملحة لتوحيد المعايير الدولية وتطبيق إجراءات عادلة وشفافة لجميع الرياضيين دون استثناء. فقد بات من الضروري تعزيز التعاون بين الهيئات الوطنية والدولية، والعمل على وضع قواعد واضحة تضمن عدم استغلال الفوارق المالية أو القانونية في تبرير تفاوت العقوبات. كما ينبغي على الجهات المعنية دراسة كل حالة على حدة، مع مراعاة الظروف الشخصية والطبية للرياضيين، لضمان تحقيق العدالة المطلقة في عالم يحتاج إلى نزاهة متناهية للحفاظ على روح المنافسة الرياضية.
الخلاصة: نحو عدالة أكثر شفافية
من المؤكد أن النقاش حول قضايا المنشطات سيستمر في جذب اهتمام الأوساط الرياضية والإعلامية على حد سواء، خاصة مع استمرار ظهور فضائح جديدة واختلاف مواقف الوكالات الدولية. وبينما يسعى الجميع إلى إيجاد حلول تُرضي جميع الأطراف، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تطبيق القوانين بشكل يحافظ على سمعة الرياضة ومصداقيتها، مع حماية حقوق الرياضيين وتفادي الظلم في تطبيق العقوبات.