شهدت الجولة الثانية والثلاثين من الدوري الألماني مواجهةً مثيرةً بين آر بي لايبزيج وبايرن ميونخ انتهت بالتعادل 3-3، ليؤجل فريق المدرب توماس توخيل تتويجه بلقب البوندسليجا للمرة الرابعة والثلاثين في تاريخه. المباراة التي جرت على ملعب “ريد بول أرينا” أمس السبت قدمت دراما تكتيكية عالية، وعكست بعض أوجه القصور الدفاعية للعملاق البافاري، ورسمت صورة جديدة عن المعاناة التي يمر بها المهاجم الإنجليزي هاري كين منذ انضمامه للفريق قبل أقل من عامين.
سجل لايبزيج هدفين مبكرين عبر بينجامين سيسكو في الدقيقة الحادية عشرة، ثم أضاف لوكاس كلوسترمان الهدف الثاني في الدقيقة 39، ما وضع بايرن أمام تحدٍّ كبير لتفادي خسارة جديدة على ملعب منافس قوي. واستفاق العملاق البافاري في الشوط الثاني، حيث نجح إريك دير في تقليص الفارق بالدقيقة 62، ثم أعاد مايكل أوليز التوازن بهدفٍ ثانٍ بعد دقيقة واحدة فقط، قبل أن يسجل ليروي ساني الهدف الثالث في الدقيقة 83، في لحظة اعتقد فيها الجميع أن بايرن قد حسم مباراته ولقبه المحلي.
غير أن النسخة الجديدة من الأدرينالين جاءت في الوقت القاتل، عندما اخترق يوسف بولسن دفاع بايرن في الدقيقة 90+4، مسجلاً هدف التعادل الذي جعل رصيد لايبزيج يصل إلى 50 نقطة في المركز الخامس، بينما توقف رصيد بايرن ميونخ عند 76 نقطة مع تبقي ثلاث جولات فقط على نهاية السباق.
عودة ليفركوزن وأمل جديد للبوندسليجا

يحتل باير ليفركوزن المركز الثاني مؤقتاً برصيد 67 نقطة، وقد أصبح بإمكانه اللحاق بالصدارة حال فوزه في مبارياته الثلاث المتبقية، لكن فارق الأهداف (+75 مقابل +45 لليفركوزن) يصبّ في مصلحة البافاري، ما يجعل استعادة اللقب مسألة وقتٍ أكثر منها شكلاً منافسياً. تجدر الإشارة إلى أن بايرن تخلَّى عن درع الدوري الموسم الماضي لصالح باير ليفركوزن الذي أنهى سلسلة بطولية امتدت 11 عاماً، منذ خسارة لقب 2011-2012 لصالح بوروسيا دورتموند بقيادة يورغن كلوب.
غياب هاري كين وبداية عد تنازلي
افتقد بايرن إلى خدمات هدافه الإنجليزي، هاري كين، الذي غاب عن اللقاء لانسداد رصيده من البطاقات الصفراء. ومع كل الألقاب التي حصدها في مسيرته مع توتنهام هوتسبر ومنتخب إنجلترا، لم يواجه كين أزمة “لعنة التتويج” إلا بعد انتقاله إلى بايرن صيف 2023. إذ رغم شعوره بضرورة قيادة الفريق إلى الألقاب، خسر في مباراته الأولى بالقميص البافاري نهائي كأس السوبر الألماني 0-3 أمام لايبزيج، ثم ودّع كأس ألمانيا ودوري الأبطال دون إحراز أي لقب، قبل أن يحسم بايرن الدوري الأخير في الجولة قبل الأخيرة.
كلمات كين قبل لايبزيج
تحدث هاري في مقابلةٍ صحفيةٍ قبل مواجهة لايبزيج قائلاً:
“قد تكون هذه جزءاً من قصتي؛ أنني سأغيب عن مباراة لايبزيج، ولكن لا تقلقوا، سأحتفل باللقب أكثر من أي شخص آخر.”
ويهتم النجم الإنجليزي بأن يثبت جدارته أمام جماهيره على ملعب “أليانز أرينا” في المواجهة المقبلة ضد بوروسيا مونشنجلادباخ، حيث يحق للبافاري تتويج رسمي في حالة فوزه، قبل العودة إلى الاستقرار التنافسي في الكأس ودوري الأبطال.
التوازن التكتيكي والعناصر الجديدة

أظهرت إحصائيات “أوبتا” أن بايرن امتلك 64% من الاستحواذ على الكرة، ومرر 782 تمريرة مقابل 438 للايبزيج، لكن افتقار العمق الدفاعي أمام المرتدات سمح للاعبين اليابانيين والبولنديين باستغلال المساحات خلف خط الظهيرين. ولعب تشابي آلونسو دوراً محورياً في توجيه لاعبيه لاستعادة زمام الأمور في الشوط الثاني، لكن الهدف الأخير أظهر الحاجة إلى ضبط أكثر صرامةٍ في الخطوط الخلفية.
كيف تصحح الأخطاء أمام مونشنجلادباخ؟
سيواجه بايرن اختباراً تكتيكياً مهماً ضد مونشنجلادباخ يوم السبت المقبل، حيث يملك الأخير سجلّاً متقلباً لكنه قادر على مفاجأة أي فريق عبر هجماته المرتدة القاتلة. على توخيل أن يعيد النظر في تشكيلة الدفاع: قد يدفع بالظهيرين الجديدين جوشوا زاكريا وماتياس دي ليخت لزيادة الأمان، مع إبقاء دور ليفاندوفسكي الاحتياطي لتفادي الإجهاد أمام مدافعي الخصم.
خلاصة ثمرة الانتظار
رغم التعادل المفاجئ، تبدو مهمة بايرن ميونخ في استعادة درع البوندسليجا قريبة من الحسم. فارق الأهداف الكبير يمنح الفريق باحةً تكفي لتعويض أي نتيجة غير مرضية في جولاتٍ قليلة. وفيما يختبر اللاعبون قدرة الفريق على التحمل تحت الضغط، يواصل هاري كين عدّه التنازلي لرفع أول كأس مع بايرن ميونخ، وسط آمال جماهيرية كبيرة بأن يغلق صفحة “اللعنة” بلحظةٍ تاريخية على أرض أليانز أرينا.





