
أداء قلب الدفاع الباسكي إينييغو مارتينيز خلال موسم 2024–2025 مع برشلونة جعل اسمه يتردد بقوة بين نجوم الليجا، لكن رفضه الانضمام إلى قائمة منتخب إسبانيا في المعسكر الأخير أثار العديد من علامات الاستفهام.
ورغم الاستدعاء التاريخي الأول الذي تلقاه من مدرب "لا روخا" لويس دي لا فوينتي في مارس الماضي، واكتفاءه بمباراة واحدة أمام هولندا في دوري الأمم الأوروبية، فإن مارتينيز اختار التركيز على الفريق الكتالوني، ما جعله يضع استقراره الفني والبدني فوق أي اعتبار دولي.
الاستدعاء التاريخي والأولوية الكتالونية
كان ظهور مارتينيز مع برشلونة أحد أبرز العوامل التي دفعت مدرب إسبانيا لويس دي لا فوينتي لاستدعائه، خاصةً بعد إصابات ثنائي الخط الخلفي إيمريك لابورت ودانييل فيفيان.
لكن توقيع مارتينيز على عقد جديد مع برشلونة في مارس الماضي شكل نقطة تحول:
- مدة العقد: موسم واحد فقط.
- بند خاص: حمل تعهدًا بعدم المجازفة باللياقة قبل نهاية الموسم.
- الهدف: ضمان استمرارية أدائه القوي حتى نهاية المنافسة المحلية والقارية.
ومن هنا، بات واضحًا أن البقاء مع برشلونة كان له الأولوية، ولو على حساب الفرصة الدولية النادرة.
خشية المخاطرة بالموسم الأخير
منح التمديد الذي وقّعه المدافع موسمًا إضافيًا في جدران كامب نو دفعة معنوية كبيرة، لكنه ارتبط برغبة مارتينيز في تجنّب أي احتمال قد يعرّض صحته الجسدية للخطر.
المدافع البالغ من العمر 29 عامًا:
- شارك بضع دقائق فقط في بعض المباريات الودية.
- تجنب المواجهات القوية خشية تعرض ركبته لإجهاد أو إصابة قد تطول فترة غيابه.
- يريد إنهاء موسمه مع البارسا بأفضل حال، سواء في الدوري أو دوري الأبطال.
ومن ثم، فإن القرار يبدو منطقيًا في سياق لاعب يسعى لإنهاء مشواره مع النادي الأم بشكل مثالي، قبل التفكير في تجربة جديدة أو حتى الالتزام الدولي.
موقف المدرب وتأثيره
حريص مدرب المنتخب الإسباني، لويس دي لا فوينتي، على توضيح وجهة نظره خلال المؤتمر الصحفي الأخير، حين سُئل عن استبعاد مارتينيز.
“قائمة المدافعين الحالية تضم أفضل أربعة عناصر الذين يتمتعون بإيقاع لعب ومرونة تكتيكية عالية، وهم ديان هاوسن وباو كوبارسي وراؤول أسينسيو ودانيال فيفيان.”
“الباب دائمًا مفتوح أمام أي لاعب يقدم مستوى استثنائي، لكن في الوقت الحالي، نحن نركز على من يشاركونا الرؤية ويستعدون للتحديات الكبرى القادمة.”
ومن هنا، بدا أن المدرب يتفهم رغبة مارتينيز، لكنه أكد أيضًا أن الأولوية ستذهب لمن يكونون متاحين تمامًا للمهمات الدولية.
موسم مذهل على الصعيد المحلي
خاض المدافع الشاب أكثر من 30 مباراة في مختلف المسابقات مع برشلونة هذا الموسم، وسجل هدفين حاسمين وصنع أربع تمريرات حاسمة بفضل قدراته في:
- الانطلاق من العمق: لبناء الهجمات وتحويل الدفاع إلى هجوم.
- قطع الكرات العرضية: بمعدل 5 اعتراضات ناجحة في المباراة الواحدة.
- الدقة في التمرير: بلغت 89%، ليصبح أحد أقوى المدافعين من حيث الدقة.
كما لعب مارتينيز دورًا بارزًا داخل غرفة الملابس، حيث يقود اللاعبين الشباب وينقل لهم خبراته، ما ساعد في الحفاظ على شباك الفريق نظيفة في 12 مباراة محلية، وهو رقم قياسي منذ 2018.
انعكاسات القرار على المسيرة الدولية

تُثير هذه الخطوة تساؤلات حول مستقبل مارتينيز مع “لا روخا”، إذ أن غيابه الآن قد يعني:
- تأجيل فرصة الانخراط في مشروع المدرب الجديد.
- فقدان زخم الدعوة الأولى بسبب عدم الاستمرارية.
- صعود أسماء جديدة في مركز قلب الدفاع قد تجعل من العودة أمراً أكثر صعوبة.
مع ذلك، لا يزال الباب مفتوحًا إذا ما استمر في تقديم المستوى نفسه، وظل بعيدًا عن الإصابات، وتكرر تألقه في المباريات الحاسمة.
نقاط قوة دفاع البرسا وغياب العنصر الأساسي
عزز برشلونة مركز قلب الدفاع بفضل التناغم بين مارتينيز وأوريلين تشواميني، رغم أن الأخير لاعب وسط يلعب في بعض الأحيان كمدافع.
لكن غياب مارتينيز عن صفوف المنتخب لا يؤثر على خطط برشلونة، بل يدعم رغبة الطاقم الفني في الحفاظ عليه كعنصر أساسي في:
- الدفاع ضد ريال مدريد، أتلتيكو، ويوفنتوس في مباريات الدوري والدوري الأوروبي.
- الاستقرار التكتيكي: مع اعتماد تشافي على بناء اللعب من الخلف.
- القيادة داخل الملعب: حيث يُعتبر مارتينيز أحد الأصوات المرشدة في خط الدفاع.
ردود فعل الجمهور على منصات التواصل
على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسمت آراء جماهير “لا روخا”:
- فريق انتقدي: يرى أن اللاعب يجب أن يضع الواجب الوطني أولوية، خصوصاً مع وجود ثقافة الاحترافية.
- فريق متعاطف: دافع عن حقه في تأمين لياقته قبل مباريات حاسمة مع برشلونة.
أما في الوسط الرياضي، فقد أشار البعض إلى أن مثل هذا القرار ليس فريدًا، بل هو موجود في كرة القدم الحديثة، حيث يختار اللاعبون الحفاظ على صحتهم لصالح ناديهم.
خلاصة التفضيل الكتالوني
يبقى حجز مكان مستقر داخل تشكيلة واحدة من أكبر الأندية الأوروبية هدفًا منطقيًا لأي مدافع يبحث عن أفضل ما عنده فنيًا ونفسيًا.
مارتينيز اليوم يسير على نهج المحترفين الذين يوازنون بين الانتماء للنادي والواجب الوطني في توقيتٍ يضمن عدم تنازل أي طرف عن معايير التميز، خصوصاً في عام تختتم فيه منافسات الدوري ودوري الأبطال، ويترقب فيه منتخب إسبانيا الاستحقاقات الكبرى.
خاتمة… تفضيل النادي أم التزام الوطن؟

في نهاية المطاف، يُظهر إينييغو مارتينيز إحدى الحالات التي تكشف عن توتر العلاقة بين اللاعب والنادي والمنتخب.
فهل سيُنظر إليه على أنه “أناني” أم “ذو رؤية استراتيجية”؟ الوقت فقط سيجيب، لكن الواضح أن مارتينيز اختار السعي لتحقيق ذاكرة نهائية مع برشلونة، بدلاً من المجازفة بموسمه الأخير.
والآن، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيعود مارتينيز إلى أحضان “لا روخا” في المستقبل؟ أم أن برشلونة سيكون كل شيء بالنسبة له؟