مع اقتراب قرعة نصف نهائي كأس ملك إسبانيا، تتجه الأنظار نحو الأندية الأربعة المتأهلة: برشلونة، ريال مدريد، أتلتيكو مدريد، وريال سوسيداد. وفي ظل هذه التركيبة، يبرز تساؤل هام: من هو الخصم الذي قد يشكل أكبر تهديد لبرشلونة في هذه المرحلة الحاسمة؟
قد يتبادر إلى الذهن أن ريال مدريد أو أتلتيكو هما الخصمان الأصعب، بالنظر إلى المنافسة التاريخية بين الثلاثي الكبير. لكن الواقع يختلف، حيث يبدو أن التحدي الأكبر الذي قد يواجهه برشلونة هو ريال سوسيداد، وليس قطبي العاصمة الإسبانية.
لماذا يُعتبر ريال سوسيداد أكبر تهديد لبرشلونة؟
للوهلة الأولى، قد يعتقد البعض أن مواجهة ريال مدريد أو أتلتيكو مدريد ستكون أكثر صعوبة على برشلونة، خاصة مع التنافسية الشرسة بين هذه الفرق. إلا أن الأرقام والإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن ريال سوسيداد قد يكون الخصم الأصعب على النادي الكتالوني، خاصة بالنظر إلى المواجهة الأخيرة بين الفريقين في الدوري الإسباني.
في تلك المباراة، تعرض برشلونة للهزيمة بهدف نظيف، لكنه لم يكن مجرد تعثر عادي، بل كان مؤشراً خطيراً على الصعوبات التي قد يواجهها الفريق أمام سوسييداد في كأس الملك. أبرز ما يميز هذا اللقاء أنه كان الوحيد الذي لم ينجح فيه برشلونة في تسديد أي كرة على المرمى طوال 90 دقيقة، وهو أمر غير معتاد لفريق يملك قوة هجومية كبيرة.
ريال سوسيداد.. الجدار الدفاعي الذي حرم برشلونة من الحلول
ما يجعل سوسيداد خطيراً على برشلونة هو تنظيمه الدفاعي المميز تحت قيادة المدرب إيمانول ألجواسيل، الذي نجح في وضع خطة دفاعية محكمة أغلقت كل المساحات أمام نجوم برشلونة، مما جعلهم عاجزين تماماً عن اختراق خطوط الفريق الباسكي.
هذا التنظيم الدفاعي لا يعتمد فقط على التراجع وإغلاق المناطق الخلفية، بل يتضمن ضغطاً ذكياً على مفاتيح لعب برشلونة، مما يحرم الفريق من بناء اللعب بحرية. في اللقاء الأخير بينهما، لم يكن لدى برشلونة سوى فرصة واحدة للتسجيل، عبر تسديدة من روبرت ليفاندوفسكي، لكن الهدف ألغي بداعي التسلل، مما زاد من إحباط الفريق الكتالوني.
على عكس ريال مدريد.. المباريات أمامه مفتوحة هجومياً

على النقيض من المواجهة أمام سوسيداد، يبدو أن برشلونة لا يعاني بنفس الطريقة عند مواجهة ريال مدريد. فالمباريات بين الفريقين غالبًا ما تكون مفتوحة هجوميًا، وهو ما يصب في مصلحة الفريق الكتالوني.
في مواجهتين هذا الموسم أمام ريال مدريد، نجح برشلونة في تسجيل تسعة أهداف، وهو ما يكشف عن نقاط ضعف دفاعية واضحة لدى الفريق الملكي أمام الهجوم الكتالوني. حتى مع خسارته في بعض المواجهات، لا يجد برشلونة صعوبة كبيرة في اختراق دفاعات الريال وخلق فرص خطيرة، مما يجعل المباراة أمامهم تحديًا أقل تعقيدًا من مواجهة سوسيداد.
أتلتيكو مدريد.. فرص عديدة ضائعة رغم الخسارة
أما أتلتيكو مدريد، فرغم خسارة برشلونة أمامه هذا الموسم، إلا أن المباراة كشفت عن قدرة الفريق الكتالوني على خلق الفرص بشكل كبير. فقد سدد لاعبو برشلونة سبع مرات على المرمى، وبلغت قيمة الأهداف المتوقعة للفريق 2.54 هدف، مما يدل على أن برشلونة كان قريباً من الفوز لولا بعض الأخطاء الفردية.
من بين تلك الأخطاء، كان الخطأ الذي ارتكبه الشاب مارك كاسادو، والذي أدى إلى قلب مجريات المباراة لصالح أتلتيكو. لكن على المستوى التكتيكي، لم يواجه برشلونة نفس الصعوبات التي واجهها أمام ريال سوسيداد، حيث كان قادراً على اختراق دفاع الروخيبلانكوس وخلق فرص تهديفية حقيقية.
لماذا يجب أن يقلق برشلونة من مواجهة سوسيداد؟
ما يجعل ريال سوسيداد خصمًا خطيرًا على برشلونة ليس فقط قدرته الدفاعية، ولكن أيضًا أسلوبه الذي يجيد التعامل مع الفرق التي تعتمد على الاستحواذ مثل برشلونة. حينما يتقابل الفريقان، لا يترك سوسيداد أي مساحات في الخلف، ويجبر برشلونة على اللعب بأسلوب غير معتاد، مما يقلل من خطورته الهجومية.
كما أن أسلوب سوسيداد القائم على الضغط العالي والارتداد السريع يجعله قادراً على استغلال أي خطأ دفاعي من برشلونة، وهو ما قد يمثل تهديداً كبيراً في مواجهات الكأس، حيث لا مجال للتعويض في حال حدوث تعثر.
برشلونة وسوسيداد.. مواجهة قد تحسمها التفاصيل الصغيرة

في البطولات الإقصائية مثل كأس الملك، غالباً ما تكون التفاصيل الصغيرة هي التي تحسم المباريات. في مواجهة ريال سوسيداد، قد لا تكون هناك فرصة ثانية لتعويض أي هفوة، مما يجعل برشلونة في وضع حساس إذا ما واجه هذا الفريق العنيد.
باختصار، رغم أن مواجهة ريال مدريد أو أتلتيكو مدريد قد تبدو نظريًا أكثر صعوبة، إلا أن التحدي الحقيقي الذي قد يواجه برشلونة في كأس الملك يتمثل في ريال سوسيداد، الفريق الذي يعرف جيدًا كيف يحرم برشلونة من نقاط قوته ويجبره على اللعب بأسلوب غير مريح. لذا، إذا كان هناك خصم يتمنى برشلونة تجنبه في نصف النهائي، فهو بالتأكيد ريال سوسيداد وليس ريال مدريد أو أتلتيكو مدريد.