تشهد الساحة الرياضية السعودية تحولات قانونية معقدة من خلال قضية مثيرة تتعلق بأهلية اللاعب رافع الرويلي، حارس نادي العروبة، الذي أثار جدلاً واسعاً بعد مشاركته في مباراة ضمن دوري روشن السعودي. فبعد فوز العروبة على نادي النصر بنتيجة 2-1 على ملعب الجوف ضمن الجولة الثالثة والعشرين، قررت إدارة النصر اتخاذ خطوة قانونية جريئة برفع استئناف رسمي ضد قرار لجنة الانضباط والأخلاق التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم، والذي رفض الاحتجاج المقدم من النصر بشأن أهلية مشاركة اللاعب.
الخلفية القانونية للقضية
تشير الوقائع إلى أن احتجاج النصر جاء مستندًا إلى فكرة أن رافع الرويلي، الذي قاد العروبة لتحقيق أول انتصار تاريخي له على نادي عالمي، لم يكن مستوفياً الشروط القانونية للمشاركة كلاعب محترف؛ إذ يُزعم أنه مرتبط بوظيفة حكومية مما يفترض عدم تفرغه الكامل لمتطلبات الاحتراف الرياضي. وفي هذا السياق، اعتمد النصر على بعض المواد القانونية التي تؤكد ضرورة تفرغ اللاعب كليًا خلال فترة عقده مع النادي، وهو ما دعا إلى إعادة النظر في الإجراءات الرسمية لتسجيل اللاعب كاحترافي.
رد لجنة الانضباط والأخلاق
على الجانب القانوني، اعترفت لجنة الانضباط والأخلاق بصحة إجراءات تسجيل رافع الرويلي بعد التواصل مع لجنة الاحتراف، حيث أكدوا أن اللاعب تم تسجيله بالمستندات الكاملة والصحيحة وقت التسجيل، ما جعل الاحتجاج المقدم من النصر مقبولًا شكليًا ولكنه مرفوضًا موضوعيًا. ورغم ذلك، قررت إدارة النصر أن تستأنف القرار، معتبرةً أن الفقرة التي استندت عليها اللجنة في رفض الاحتجاج تتميز بعمومية صياغتها، مما يجعل نطاق المخالفة واسعًا وغير دقيق، وهذا قد يفتح الباب أمام تطبيق قواعد مشابهة على لاعبين آخرين في ظروف متفاوتة.
المستندات المقدمة

وقد وردت مصادر لبرنامج "برا 18" أن إدارة النصر قد قامت بتقديم الرقم المرجعي الخاص بوظيفة رافع الرويلي كدليل قانوني يثبت صحة الاحتجاج. إذ لم يقدم نادي العروبة أي مدفوعات قانونية أو وثائق تثبت أن اللاعب يعمل بدوام كامل في جهة حكومية أو خاصة، بل اكتفى العروبة بتأكيد صحة تسجيله كلاعب محترف وفقاً للمعايير التنظيمية المعمول بها في الاتحاد السعودي لكرة القدم. وقد شملت استفسارات لجنة الانضباط قبل إصدار قرارها مسألة صحة التسجيل دون الإشارة إلى تفاصيل تتعلق بتفرغ اللاعب، ما أدى إلى استناد لجنة الاحتراف على المستندات الرسمية دون النظر في جانب التفرغ الذي أثاره النصر.
التوقعات القانونية
من الناحية القانونية، أبدى المستشار القانوني أحمد الشيخي رأيًا متفائلاً حيال إمكانية قبول استئناف النصر، مشيرًا إلى أن المادة القانونية رقم 22، وتحديداً الفقرة 14 منها، تشترط أن يكون اللاعب متفرغًا كليًا مع ناديه خلال فترة عقده الاحترافي. وحسب هذه المادة، فإن أي مخالفة للوائح الاتحاد تؤدي إلى عدم أهلية اللاعب، مع فرض عقوبة خصم ثلاث نقاط على النادي في حال ثبوت المخالفة. واستند الشيخي في توقعه إلى الوقائع السابقة التي تم فيها قبول استئنافات مماثلة رغم أن لجنة الانضباط قد قررت سابقًا بصحة إجراءات التسجيل، حيث استندت لجنة الاستئناف في مثل هذه الحالات إلى تقديم إفادات جديدة من لجنة الاحتراف، بالإضافة إلى قاعدة قانونية تعتبر السكوت وعدم النفي من طرف الجهة التنظيمية بمثابة إقرار ضمني بصحة المعلومات.
آثار محتملة على اللوائح
وقد تناول الشيخي أيضًا جانبًا آخر في الواقعة، حيث أشار إلى أن هناك العديد من اللاعبين الذين يعملون على مشاريع وعقود تجارية خاصة، سواء إعلانية أو غيرها، مما يدل على أن فكرة التفرغ الكامل ليست حكرًا على لاعب واحد فقط، بل قد تنطبق على العديد من اللاعبين في البطولات الكبرى. وأوضح أن تطبيق القانون بصورة صارمة دون الأخذ في الاعتبار هذه الوقائع قد يؤدي إلى خلق سابقة قانونية غير متوازنة تتسبب في استبعاد لاعبين أساسين من المنافسات الوطنية.
الخلفية الاستراتيجية للاستئناف
يأتي قرار النصر برفع الاستئناف في إطار سعي النادي لتأكيد حقوقه وتقديم توضيحات قانونية دقيقة أمام الجهات التنظيمية، وذلك في ظل حرص الإدارة على حماية مصالحها الرياضية والاقتصادية على حد سواء. إذ أن خصم ثلاث نقاط يُعد عقوبة تؤثر بشكل مباشر على ترتيب الفريق في الدوري، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على فرص الفريق في المنافسة على البطولات المحلية والإقليمية. وبالتالي، فإن قبول الاستئناف يعد خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة تقييم الإجراءات القانونية المتعلقة بتسجيل اللاعبين وفرض معايير جديدة تضمن عدالة المنافسة.
التوقيت المتوقع للقرار

ومن المتوقع أن يتم إصدار القرار النهائي بشأن الاستئناف خلال فترة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وفقًا لما توقعه المستشار الشيخي. واستند في توقعاته إلى وقائع سابقة لم تقم فيها لجنة الاستئناف بتعديل قرارات لجنة الانضباط في قضايا مشابهة خلال السنوات الأخيرة. إذ أن بعض القضايا السابقة أثبتت صحة إجراءات التسجيل عبر لجنة الاحتراف، ولكن الاستئناف قد يؤدي إلى طلب إفادات جديدة تُبنى عليها القرارات النهائية، مما يجعل عملية المراجعة القانونية أكثر دقة وتفصيلًا.
ردود الفعل والتأثيرات المحتملة
في خضم هذه المعركة القانونية، تستمر التكهنات بين المحللين الرياضيين والمشجعين حول مدى تأثير هذه القضية على مستقبل اللاعبين وعلى صورة دوري روشن السعودي. فمن جهة، يشير البعض إلى أن قبول الاستئناف سيُعد نقلة نوعية في كيفية تطبيق اللوائح التنظيمية على اللاعبين الذين يحملون وظائف أو ارتباطات خارج نطاق النادي الرياضي، مما قد يؤثر على تشكيلات الفرق ومقارباتهم التكتيكية في المباريات المقبلة. ومن جهة أخرى، يرى البعض أن الحفاظ على الإجراءات القانونية المعمول بها سيضمن استقرار النظام الرياضي وحماية حقوق اللاعبين والنوادي على حد سواء.
التأثير على المنافسات
تتراوح ردود الفعل في الأوساط الرياضية بين القلق والتفاؤل؛ فبينما يخشى البعض أن يؤدي هذا القرار إلى خلق سابقة قد تستغلها بعض الأندية للضغط على المنافسين، يرى آخرون أنه خطوة نحو تعزيز الحزم القانوني والشفافية في التعامل مع المسائل التنظيمية داخل الاتحاد السعودي لكرة القدم. كما أن بعض الخبراء يرون أن هذه القضية قد تكون بمثابة اختبار للنظام القضائي الرياضي في المملكة، ومدى جاهزيته للتعامل مع مثل هذه القضايا التي تمزج بين الجانب الرياضي والجانب القانوني.
الخلاصة والآفاق المستقبلية
من الواضح أن إدارة نادي النصر قد اتخذت خطوة استراتيجية جريئة تسعى من خلالها إلى إعادة النظر في قرار لجنة الانضباط، مؤكدةً أن تطبيق الفقرات القانونية بشكل عام قد لا يعكس الواقع الكامل الذي يعاني منه اللاعبون. ويأمل النادي أن يُحدث الاستئناف فرقًا في تطبيق القواعد بحيث تُراعي الظروف الخاصة بكل لاعب، مما يعزز من روح المنافسة العادلة والشفافة في الدوري السعودي.
وبينما تستمر الإجراءات القانونية وتتحرك الهيئات التنظيمية نحو إصدار القرار النهائي، يبقى من الضروري متابعة التطورات بدقة، إذ أن مثل هذه القضايا لا تمس الجانب الرياضي فحسب، بل تُعبر عن تحديات أكبر في موازنة متطلبات الاحتراف مع الالتزامات الإدارية والمهنية خارج الملعب. وفي هذا السياق، تبرز أهمية النقاش المستمر بين الهيئات الرياضية والنوادي من أجل إيجاد حلول قانونية مبتكرة تخدم مصالح الجميع وتضمن استمرارية التطور في النظام الرياضي.