من الأكاديمية إلى قمة "البريميرليغ"
اختتم ترنت ألكسندر-أرنولد، الظهير الأيمن الدولي والمنتج التاريخي لمنتخب إنجلترا، فصلاً حافلاً من الولاء والإبداع مع ناديه الأم ليفربول بطل الدوري الإنجليزي الممتاز، معلنًا رحيله عن "آنفيلد" بنهاية موسم 2024–2025. وخلال 20 عامًا قضاها في أكاديمية الريدز ومن ثم الفريق الأول، فرض آرسنال السابق أعرافه الكروية بصناعة الألعاب والهجمات المرتدة ممزوجةً بإسهاماتٍ تهديفيةٍ استثنائيةٍ، قبل أن يختار الخروج من منطقة راحته والانطلاق في تجربةٍ جديدةٍ يُرجَّح أن تكون مع ريال مدريد الإسباني.
انضم ألكسندر-أرنولد لأكاديمية ليفربول وهو في السادسة من عمره عام 2006، ثم ارتقى سريعًا من فرق الشباب إلى الفريق الرديف قبل أن يحصل على أول مشاركةٍ مع الفريق الأول في أكتوبر 2016، تحت قيادة يورغن كلوب. ومنذ ذلك الحين:
• مباريات رسمية:
355 مباراةً في مختلف المسابقات.
• أهداف وصناعات:
سجل 20 هدفًا وصنع أكثر من 80 تمريرة حاسمة.
• الألقاب المحلية والقارية:
دوري أبطال أوروبا 2019، الدوري الإنجليزي الممتاز 2020، كأس الاتحاد الإنجليزي 2022، كأس الرابطة 2022، وكأس السوبر الأوروبي 2019.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الخميس عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل، قال نجم الدفاع:
"بعد عشرين عامًا في قلب هذا النادي، حان الوقت لأعلن أنني سألوح وداعًا آنفيلد بنهاية الموسم. إنه أصعب قرارٍ اتخذته في حياتي."
"لقد كان ليفربول عالميًّا منذ البداية. الدعم والحب الذي تلقيته من جماهير النادي والزملاء سيظل معي إلى الأبد. سأظل مدينًا لهذا المكان الجميل."
لماذا الآن؟ "التحدي شخصي ومهني"

علَّل ألكسندر-أرنولد اختياره الرحيل برغبته في اختبار نفسه خارج بيئة الأمان التي توفرت له طوال العقدين الماضيين:
"لم أجرب شيئًا آخر من قبل. هذا القرار يتعلق برغبتي في البحث عن تحدٍّ جديد، وإخراج نفسي من منطقة الراحة، لتطوير مسيرتي مهنيًا وشخصيًا."
وحول الوجهة المقبلة، لم يُسرّب صاحب الرقم 66 إلى أين يتجه تحديدًا، إلا أن تقارير صحفية أوروبية أشارت إلى اتفاقٍ شبه نهائيٍ مع ريال مدريد. وذكرت "ماركا" الإسبانية أن إدارة الميرينغي تستعد لتقديم عرضٍ بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني لتأمين توقيعه، بينما ربطت "موندو ديبورتيفو" الأمر برغبة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي في تعزيز أجنحة الفريق بأسماءٍ تتمتع بسرعةٍ ومهارةٍ فنيةٍ عاليةٍ.
تأثير الرحيل على ليفربول
يغادر ألكسندر-أرنولد ليفربول بعد أن بلغ 28 عامًا، وقد ترك فراغًا كبيرًا في الجانب الأيمن من الدفاع. ويواجه يورغن كلوب مهمة البحث عن خليفةٍ مناسبٍ عبر السوق الصيفي، خاصةً أن أندية أوروبية كبرى سترصد الصفقة باهتمامٍ. ويُعدُّ وجود الظهير في تشكيلة الريدز أكثر من مجرد لاعبٍ؛ بل رمزٌ لثقافة نادي شبابٍ تعلّموا آلية بناء الهجمات من الخلف والربط بين الدفاع والهجوم عبر أعلى النقاط، بما بدا في قدرة ألكسندر-أرنولد على تنفيذ 100 تمريرةٍ متوسطةً في المباراة الواحدة خلال موسم 2023–2024، بمعدل دقة يتجاوز 82%.
ردود فعل الجماهير والنقاد

ارتبط اسم ألكسندر-أرنولد في قلوب جماهير ليفربول بعيده عن الأداء الهجومي التقليدي لليدز—فهو كان لا يكتفي بدوره الدفاعي فقط، بل حوّل الجهة اليمنى لمنصة صانعةٍ للأهداف. وعبر هاشتاج #ThankYouTrent انتشرت رسائل الشكر من الجماهير الإنكليزية والعالمية، بينما اعتبره عددٌ من المحللين في "بي بي سي سبورت" و"سكاي سبورتس" واحدًا من أفضل الظهرة في التاريخ الحديث للعبة.
كما تناولت "موندو ديبورتيفو":
"رحيل ألكسندر-أرنولد يؤكد نهاية حقبةٍ ذهبيةٍ في آنفيلد، ويبقي الفرصة قائمةً أمام ريال مدريد لتعزيز أشواطه الهجومية والدفاعية بأفضل فيصيلةٍ إنجليزيةٍ."
كيف سيبدأ الموسم القادم؟
إذا انتقل بالفعل إلى ريال مدريد، فسيخوض ألكسندر-أرنولد تحدي المنافسة في نظامٍ إسبانيٍّ مختلفٍ تمامًا عن البريميرليغ الإنكليزي. وسيجد نفسه في صفٍ من النجوم مثل فينيسيوس جونيور وجود بيلينجهام وكيليان مبابي، ما يتطلب منه بث مستوىٍ تكتيكيٍ ودفاعيٍ عالٍ في ظِلّ فلسفةِ الضغط العالي والتمرير السريع التي يشتهر بها المدرب أنشيلوتي.
ويبقى حسمُ الصفقة رسميًا مع العمالقة الملكيين مسألة وقتٍ خلال أيامه المقبلة، أي قبل نهاية عقده مع ليفربول في 30 يونيو 2025. وبذلك، يُفتتح فصلٌ جديدٌ في حياة الظهير المبدع، ونهايةٌ لا مفر منها لفصلٍ جميلٍ امتدَّ لعقدين من الزمن في قلب آنفيلد.
الخلاصة
بعد إعلان ألكسندر-أرنولد عن رحيله من ليفربول بعد أكثر من 20 عامًا، تتجه الأنظار إلى المرحلة القادمة في مسيرته، مع ريال مدريد المحتمل، حيث سيسعى لمزج خبرته الكروية بحماسٍ جديدٍ في مدريد. ومع حزنٍ نصراويٍّ عميقٍ على فراغه الذي سيخلّفه في آنفيلد، يظل القرار جسارةً احترافيةً تكشف رغبةً في النمو المستمر وتحدي الذات خارج حدود النادي الوحيد الذي عرفه منذ الطفولة.