
في أجواء مشحونة بالتوتر في غرفة الملابس بملعب سانتياجو برنابيو، يتأرجح مستقبل النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور بين ضغوط داخلية متزايدة وتصريحات قوية من زملائه، وسط سلسلة من السلوكيات المثيرة للجدل التي جعلت حتى علماء النفس المُكلفين بمحاولة تعديل مساره ينظرون إليه بنظرة من الإحباط. إذ قال أحد لاعبي الميرينجي في اليوم التالي لديربي ريال مدريد وأتلتيكو، “لن نضيع ثانية أخرى معه”، معبراً عن استيائه من طريقة لعب فينيسيوس وسلوكه الذي أصبح يثير الشكوك داخل الفريق.
تأثير التوترات على الفريق
على صعيد المنافسات الأوروبية، عانى ريال مدريد من هزيمة بنتيجة هدف دون رد في إياب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا أمام أتلتيكو، ورغم ذلك تمكن الفريق من التأهل إلى دور الثمانية بعد فوزه على الجار اللدود بركلات الترجيح. لكن ما يظل الملف الأكثر سخونة هو المشادة اللفظية التي اندلعت بين فينيسيوس وزميله جود بيلينجهام خلال المباراة؛ حادثة لم تمر مرور الكرام، إذ اضطر كارلو أنشيلوتي ومساعده فرانشيسكو ماوري للتدخل لفض النزاع، مما أعاد إلى الأذهان نقاط الضعف في الانسجام الجماعي داخل غرفة الملابس.
تصاعد الخلافات داخل الفريق
يُذكر أن بيلينجهام، الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية في خط الوسط بالمنتخب، وجه اتهامات لفينيسيوس على تقصيره في النزول للدفاع، وهو ما أثار استياء النجم البرازيلي وجعله يرد بطريقة عنيفة على أسلوب زميله. هذه اللحظة لم تقتصر على كونها مجرد نزاع داخل الملعب، بل أصبحت رمزًا للتوترات الداخلية التي يعاني منها الفريق، حيث بدأت العلاقات بين فينيسيوس وباقي اللاعبين تتأزم بسبب سلوكياته التي وصفها البعض بالغطرسة والتحدي.
تأثير المطالب المالية على العلاقة مع النادي
وفقًا لتقارير صحيفة “سبورت” الإسبانية، فقد فقد فينيسيوس مكانته المرموقة في غرفة الملابس داخل ريال مدريد، إذ باتت سلوكياته المتغطرسة وتصرفاته الاستفزازية تؤدي إلى برودة العلاقات مع زملائه، مما يهدد تماسك الفريق. من بين الأسباب التي أدت إلى ذلك، برزت مطالبة فينيسيوس بالحصول على راتب أعلى من نظيره الفرنسي كيليان مبابي، في محاولة لإثبات أن مكانته داخل الفريق أعلى من أي لاعب آخر، وهو ما أثار الكثير من الاستياء بين الإدارة وبعض اللاعبين الذين يرون أن مثل هذه المطالبات لا تليق بروح الفريق الواحد.

أزمات انضباطية تزيد من التوتر
لا تقتصر التوترات على هذه المطالبات المالية فقط، بل تتعداها إلى جانب آخر يتمثل في الأزمات الانضباطية المستمرة التي يعاني منها اللاعب البرازيلي. فقد حصل فينيسيوس هذا الموسم على أكبر عدد من البطاقات الصفراء في صفوف ريال مدريد، ويرجع ذلك إلى احتجاجاته المتكررة على قرارات الحكام خلال المباريات. وعلى الرغم من أن إدارة النادي لجأت إلى علماء النفس لعقد جلسات توجيهية ومحادثات فردية مع اللاعب ومحاولة تعديل سلوكه، إلا أن المشكلة لم تجد لها حلاً جذريًا حتى الآن، مما أدى إلى تفاقم حالة الانقسام داخل الفريق.
دعم أنشيلوتي مقابل قرارات الإدارة
وفي وسط هذه العاصفة، يظهر أن الشخص الوحيد الذي يقف إلى جانب فينيسيوس هو المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي طالما أكد أن أهمية اللاعب البرازيلي لا تخضع لأي تساؤلات. إذ يخرج أنشيلوتي بشكل مستمر للتأكيد على أن فينيسيوس يمتلك القدرة والموهبة التي تؤهله ليظل في صفوف الفريق، رغم كل الانتقادات والسلوكيات المثيرة للجدل. هذا الدعم الصريح من المدرب الإيطالي يُشكل حجر الزاوية في ملف فينيسيوس، لكن رغم ذلك، يبقى السؤال قائمًا حول مدى قدرة اللاعب على تجاوز الأزمة الحالية وتحسين سلوكه بما يتماشى مع متطلبات الفريق الضخمة.
مستقبل فينيسيوس بين البقاء أو الرحيل
من ناحية أخرى، تُشير التقارير إلى أن النية لدى فينيسيوس واضحة؛ فهو يرغب في البقاء في ريال مدريد، لكن ليس بأي راتب يُفرض عليه، بل بالراتب الذي يراه عادلًا ويعكس قيمته الحقيقية داخل النادي. هذه المطالبة قد تضعه في موقف حرج، خاصةً مع إصرار رئيس النادي فلورنتينو بيريز على عدم الخضوع لأي ضغوط مالية إضافية. إذ أن بيريز، الذي تميز دائمًا بقراراته الحازمة فيما يتعلق بإدارة رواتب اللاعبين، قد يتجه إلى التخلي عن اللاعب البرازيلي إذا لم تتوافق مطالبه مع رؤية النادي، وهو ما حدث في السابق مع نجوم مثل كريستيانو رونالدو وسيرخيو راموس.

اهتمام أندية أخرى بضم اللاعب
وقد أثار هذا الملف ضجة إعلامية واسعة، إذ يُعتبر فينيسيوس اليوم أحد أهم نجوم ريال مدريد، لكنه أصبح يواجه تحديات جسيمة في الحفاظ على مكانته داخل الفريق. من جهة، تؤثر تصرفاته وانقسامات العلاقات الداخلية على الأداء الجماعي؛ ومن جهة أخرى، تُشير هذه الأزمة إلى إمكانية فتح الباب أمام عروض من أندية أخرى، ومن بينها دوري روشن السعودي، الذي بات يسعى لضم نجوم عالميين قد يشكلون معادلة تنافسية في الأسواق الرياضية العالمية.
الخاتمة
بينما تتصاعد الأصوات داخل النادي ومن خارج ميدان اللعب، يبقى السؤال قائمًا حول ما إذا كان فينيسيوس سيستطيع تجاوز هذه المرحلة الحرجة وإثبات جدارته كأحد أعمدة ريال مدريد، أم أن الملفات الشخصية التي تراكمت عليه ستدفع الإدارة إلى اتخاذ قرار جذري بشأن مستقبله. في هذه الأثناء، تستمر المفاوضات الداخلية وسط توقعات بمزيد من التوترات أو الحلول التي قد تحسم مصير اللاعب في النادي الملكي.