
في لقطةٍ كرويةٍ طريفةٍ أثارت موجةً عارمةً من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، اعترف مشجعٌ طموحٌ لتوتنهام هوتسبر بأنه لا “يحب” زوجته “كثيرًا” مقابل رغبته الجامحة في اللحاق بموعدٍ لا يتكرر في ملعب “سان ماميس” بمدينة بيلباو الإسبانية، حيث تُجرى اليوم المواجهة الخالصة بين “السبيرز” ومانشستر يونايتد في نهائي الدوري الأوروبي للموسم 2024-2025.
قرارٌ صادمٌ قبل صافرة البداية
في لقاءٍ قصيرٍ انتشر على نطاقٍ واسعٍ قبل ساعاتٍ من انطلاق المباراة، قال المشجع الذي تتراوح ملامحه بين الحماس والعصبية:
“زوجتي قالت لي: ‘لا’. قلت لها: ‘أنا لا أحبك كثيرًا… لكنني أحب توتنهام أكثر!’، ثم اشتريت التذكرة في اليوم نفسه حتى لو اضطررتُ للاعتماد على الكوبونات!”
تلك الكلمات البسيطة – القاسية في آنٍ واحدٍ – أعادت إلى الأذهان العلاقة الوثيقة بين عاطفة المشجع وهوس الدعم الكروي. فبين مطرقة العلاقة الزوجية وسندان الولاء للنادي، اختار الرجل الأخير، مُخلّفًا وراءه حجةً تُروى لأحفاده عن مغامرة “الرحيل خلف الفريق في ليلةٍ أوروبيةٍ صاعدة”.
مقعدٌ واحدٌ وحلمٌ جماعيٌّ

لم تكن رحلة السفر إلى بيلباو رخيصةً أو سهلةً؛ إذ إن تكلفة التذاكر وحجوزات الفنادق ارتفعت جنونيًّا مع اقتراب الحدث الكبير. لكن مشجع توتنهام لم يعد يضع حدودًا أمام حبٍّ يتجاوز الأخطاء والظروف. لقد رغب في أن يشدّ الشريط الأحمر لأعلى المدرجات، وسط معقل جمهور “السبيرز” الذي غطّى نصف الملعب تقريبًا بالقمصان البيضاء والشالات الزرقاء.
170,000 مشجعٍ إنجليزيٍ احتشدوا في أول نهائيٍ أوروبيٍ كاملٍ بين فرق من إنجلترا منذ تتويج آرسنال بدوري أوروبا 2019، وهذا الرقم المذهل يدفعنا إلى التساؤل: إلى أي حدٍّ يمكن أن تصل التضحية في سبيل مشاعر الانتماء إلى نادٍ؟
سجلٌ تاريخيٌّ يحفّزهم على التكرار
توتنهام هوتسبر يملك في خزائنه نجمتينٍ قاريّتَين: كأس الاتحاد الأوروبي عامي 1972 و1984، وخسر لقب دوري الأبطال على أرضه أمام ليفربول عام 2019 بنتيجة 0-2. المعلومات التاريخية تزيد من وهج التحدي؛ إذ يريد عشاق “السبيرز” تصحيح مسار النادي من موسمٍ محليٍّ متذبذبٍ، والاستفادة من فرصة “ثمن أخيرٍ” للتأهل المباشر إلى دوري الأبطال الموسم المقبل.
دافعٌ نفسيٌّ أقوى من الخوف على المستقبل
في أعقاب مقطع المشجع، اكتست المنصات بتعليقاتٍ مثل:
• “يقولون إن كرة القدم تعلم الرجال جرأةً… هذا الرجل رودع الحدود!”
• “إنه اختيار شريكين: حبه للكرة أو حبه للبيت. لم أسمع بقصةٍ أغرب!”
• “أعتقد أنّ القرارات الكبيرة تأتي بعد بطولاتٍ كبرىٍ… فربما يعود هذا المشجع بخبرٍ سعيدٍ يشرّع أبواب المصالحة!”
تأخذ التراجيديا الرياضية هذا المنحى الفريد حين يواجه المشجع نفسه بواقعٍ يتداخل فيه العشق الزائف للعادات والتضحية بالرفاهية الأسرية، لصالح حبٍّ يجتاح مشاعره يوم النهائي.
أملٌ بالتتويج وبداية عهدٍ جديدٍ

يعلم مشجعو توتنهام أنّ الفوز بالأميرة الأوروبية اليوم سيعيد تشكيل خارطة الاهتمامات؛ إذ سيُنهي 41 عامًا من الصيام عن الألقاب الكبرى، ويرسل إشاراتٍ قويةً إلى الإدارة بضرورة دعم التشكيلة لتحقيق مزيدٍ من النجاحات. وسيحمل المكاسب المالية – التي تُقدر بملايين الجنيهات الإسترلينيّة من عوائد البثّ والرعاية – أملًا في مواسمٍ أقوى، قد يغيّر مجرى حياة مشجعٍ آخرٍ مستعدٍّ للتضحية بكلّ شيءٍ من أجل لوحةٍ ساحرةٍ في ليلةٍ أوروبيةٍ خالصة.
خاتمةٌ مُلهمةٌ رغم المبالغة
تبقى حكاية مشجع توتنهام دروسًا في “هوس الفرق الكبرى” وكيف يمكن أن يفوق الولاء الرياضي رابطة الدم والزواج. فإذا تحقق الفوز الليلة على مانشستر يونايتد، فإن هذا الرجل سيعود بطلاً أكثر من أي لاعبٍ على أرض الملعب؛ لأنه رفع راية الشغف بكلّ ثمنٍ ودفع الأثمان الشخصية لدعم خطٍّ جماعيٍّ حُلم به عاشقوه أصعب من العناق الزوجي.