
يواجه محمد صلاح، نجم ليفربول المميز، موجة من الانتقادات بعد سلسلة من الأداء المتراجع الذي شابه مؤخرًا تراجع مستوى الفريق في المسابقات الكبرى. في موسم 2024-2025، أصبح موضوع النقاش الساخن في أوساط عشاق الساحرة المستديرة هو كيف يمكن إعادة النجم المصري إلى سابق عهده، خاصة بعد خسارة الفريق لنهائي كأس كاراباو أمام نيوكاسل بنتيجة 2-1 وخروجه من دوري أبطال أوروبا من دور الـ16 أمام باريس سان جيرمان.
على الرغم من أن صلاح قد شهد تألقات لافتة في بدايات الموسم، حيث تمكن من كسر بعض الأرقام القياسية وجذب الأنظار بتسجيلاته الحاسمة، إلا أن تراجعه في الفترة الأخيرة وضع ليفربول أمام تحديات جسيمة. فقد تضاءل حضور النجم في بعض المباريات الحاسمة، حيث ظهر بشكل “حاضر غائب”، مما أثر سلبًا على أداء الفريق في اللحظات الحاسمة، خصوصًا في مواجهة فرق قوية مثل باريس سان جيرمان. وقد استغل الظهير المتألق نونو مينديش هذا التراجع لتقييد حركة صلاح على أرض الملعب، مما ساهم في تقليل تأثيره في المباريات.
في ظل هذه الظروف الحرجة، برزت فكرة جديدة على موقع “أنفيلد ووتش”، أحد المصادر المتخصصة في تحليل أداء ليفربول، والتي طالبت المدير الفني للفريق، أرني سلوت، بإعادة النظر في خطة اللعب الخاصة بالنادي. ووفقًا لهذه الفكرة، يمكن استلهام خطة تشبه الأسلوب الذي تبناه ليونيل ميسي خلال مسيرته مع برشلونة، حيث تحول ميسي من دور الجناح إلى مهاجم وهمي في وسط الملعب، ما أتاح له إحداث تأثيرات هجومية كبيرة وإعادة توزيع الأدوار بشكل يضمن مزيدًا من الإبداع والفعالية.
يُذكر أن بداية ميسي كانت تحمل تشابهًا واضحًا مع أسلوب صلاح؛ إذ كان كلاهما يُعتمد عليه لإنهاء الهجمات وتقديم لمسة فنية في المراوغة وصناعة الفرص. لكن مع تطور مسيرة ميسي، شهدنا تحولاً تكتيكيًا بارزًا في دوره داخل الفريق. ففي عهد المدرب بيب جوارديولا، تم توظيف ميسي في مركز وسط الملعب كمهاجم وهمي، حيث ساهم في خلق الفوضى داخل دفاع الخصم، وهو ما أضاف بعدًا جديدًا للعبة الهجومية. وبعدها عاد ميسي إلى مركز الجناح في عهد لويس إنريكي، ثم جاء رونالد كومان ليعيد له مكانًا في عمق الملعب خلال موسمه الأخير مع برشلونة، وهو التغيير الذي أكسبه لقب هداف الدوري الإسباني آنذاك.
ومن هنا، يقترح محللو “أنفيلد ووتش” أن يقوم أرني سلوت بتعديل خطة اللعب الحالية لليفربول، متبنيًا نظام 3-4-3 جديد. في هذا النظام المقترح، يتم وضع صلاح في مركز الرقم 10 خلف المهاجم الرئيسي، وهو الدور الذي أتاح لميسي إظهار قدراته الكاملة في السابق. يُضاف إلى ذلك إمكانية استقطاب لاعب مثل كونور برادلي في الجهة اليمنى لتوفير دعم إضافي، مما يخلق توازنًا هجوميًا متجددًا للفريق. هذا التعديل التكتيكي قد يساعد في استعادة بريق صلاح الذي يتجلى في قدرته على إنهاء الهجمات والمراوغة بصناعة الفرص، إلا أنه يعاني من فرض رقابة دفاعية شديدة في الخطة الحالية.

يُذكر أن صلاح، الذي يبلغ من العمر 32 عامًا، قد ساهم في الموسم الجاري بتسجيل 32 هدفًا وصناعة 22 هدفًا، ليصل به مجموع مشاركاته إلى 54 هدفًا في مختلف البطولات. هذا الرقم الكبير كان سببًا في تسليط الضوء على إمكانياته وتأهيله كمرشح محتمل لنيل جائزة الكرة الذهبية لعام 2025. ومع ذلك، فإن الخروج المبكر من دوري أبطال أوروبا وخسارة فريقه في نهائيات البطولات قد قللا من فرصه في الحصول على هذه الجائزة، إذ يعتمد الكثير من المحللين على الأداء في أكبر المسابقات الأوروبية لتحديد مرشحي الكرة الذهبية.
على صعيد آخر، يقود محمد صلاح فريق ليفربول نحو تحقيق طموحات كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز. حيث يتصدر الفريق حاليًا جدول الترتيب برصيد 70 نقطة، متفوقًا بفارق 12 نقطة على منافسه المباشر آرسنال، الذي يحتل المركز الثاني. ومع بقاء تسع جولات فقط حتى نهاية الموسم، يبدو أن ليفربول على مشارف اقتناص لقب الدوري الإنجليزي إذا تمكن الفريق من الحفاظ على استقراره وتحقيق نتائج إيجابية في المباريات المتبقية.
إن تعديل خطة اللعب لتشمل دورًا أكثر حرية لصلاح في وسط الملعب قد يكون خطوة استراتيجية حاسمة في إنقاذ مسيرته الكروية التي بدأت تتعرض للتراجع. فالتحول إلى نظام 3-4-3 وتوظيف صلاح في مركز الرقم 10 قد يُعيد له تلك الحماسة والإبداع الذي تميز به في المواسم السابقة. وفي ظل ذلك، قد يكون هذا التغيير التكتيكي بمثابة إعادة إشعال شرارة الأمل في نفوس جماهير ليفربول التي لطالما آمنت بقدرة الفريق على تحقيق الانتصارات رغم كل الصعاب.
كما أن هذا التعديل قد يُساعد في تخفيف الضغط عن صلاح، حيث سيسمح له بالحصول على مساحة أكبر للتعبير عن قدراته الهجومية، مما سيعود بالنفع على الفريق بأكمله. إن إعطاء صلاح الحرية في اللعب داخل خط الوسط قد يفتح المجال أمامه للتفاعل بشكل أفضل مع زملائه، خاصةً مع وجود لاعبين آخرين ذوي خبرة ومهارة في الفريق. وفي هذا السياق، يُذكر أن تجربة يورجن كلوب السابقة في توظيف صلاح في مركز وسط الملعب مع لاعبين مثل جيمس ميلنر وآدم لالانا وشيردان شاكيري وساديو ماني أثبتت جدواها؛ إذ تمكن الفريق من تحقيق نتائج مذهلة حينما ساهم صلاح في تسجيل 34 هدفًا خلال 42 مباراة.

من المؤكد أن مثل هذه الاستراتيجية لن تكون الحل الوحيد لمشكلات الفريق، لكنها قد تشكل خطوة مهمة في إعادة توازن خطط ليفربول التكتيكية وإعادة النجم المصري إلى مكانته المرموقة في عالم كرة القدم. إذ أن كل تغيير تكتيكي يُحدث فارقًا ليس فقط في أداء الفرد، بل في أداء الفريق بأكمله، مما يؤدي إلى رفع مستوى المنافسة وإعادة الثقة بين اللاعبين والجماهير على حد سواء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تعديل خطة اللعب سيشكل تحديًا جديدًا لمدرب الفريق أرني سلوت، الذي عليه الآن أن يتخذ قرارات سريعة وحاسمة لضمان توافق النظام الجديد مع إمكانيات اللاعبين. سيحتاج سلوت إلى دراسة دقيقة لأداء صلاح في مختلف الأدوار الهجومية وتحديد التشكيلة المثالية التي تضمن استغلال مواهبه بأفضل صورة ممكنة، في ظل المنافسة الشديدة على المراكز الأولى في الدوري الإنجليزي.
إن إعادة هيكلة خطة اللعب وإعادة إحياء بريق محمد صلاح قد تكون المفتاح لعودة ليفربول إلى القمة، خاصةً إذا تمكن الفريق من استعادة روح الفريق الذي كان سائداً في مواسمه الذهبية. ومع مرور الوقت، ستتضح نتائج هذه التغييرات سواء على أرض الملعب أو من خلال النتائج الإحصائية التي تبرز أداء صلاح وتأثيره المباشر على نتائج الفريق. وفي النهاية، يبقى الأمل معقودًا على أن يتمكن ليفربول من تحويل هذه الفترة الانتقالية إلى فصل جديد من النجاح والتألق في عالم كرة القدم.