شهدت ليلة من ليالي دوري أبطال أوروبا مباراة لم تشهد مثلها من الإثارة والتوتر، حيث واجه ريال مدريد جاره التقليدي أتلتيكو مدريد في مواجهة مريرة امتدت حتى اللحظات الحاسمة. تمكن الفريق الملكي من القضاء على خصمه بعد معركة طويلة انتهت بركلات الترجيح، مما يفتح له آفاقًا جديدة بلقاء المرتقب مع أرسنال الإنجليزي في دور الثمانية. كانت المباراة بمثابة اختبار حقيقي لعزيمة اللاعبين وإصرارهم على تحقيق النصر رغم الإرهاق والتعب البدني الناتج عن اللقاء الذي امتد لمرات إضافية.
بداية المباراة
منذ انطلاق المواجهة، بدا واضحًا أن كل من ريال وأتلتيكو كانا يعيان أهمية هذه المباراة، خاصة بعد نتائج اللقاءات السابقة التي شكلت خلفية تاريخية طويلة بين الفريقين. فقد استطاع ريال مدريد في مباراة الذهاب على أرضه بنتيجة 2-1 في ملعب سانتياغو برنابيو، مما أعطى الفريق دفعة معنوية كبيرة وعزز ثقته في استعادة التفوق العام على جاره اللدود. وفي تلك الليلة، كان الهدف الأكبر هو الحفاظ على زمام المبادرة وتأمين مكانٍ متميزٍ في منافسات البطولة الأوروبية، خاصةً مع العلم بأن اللقاء سيُحسم في اللحظات الأخيرة بعد تعادل مثير في مجموع المباراتين.
الهدف المبكر لأتلتيكو
وفي اللقاء الذي أقيم على ملعب ميتروبوليتانو، بدأ أتلتيكو مدريد المباراة بسرعة فائقة؛ إذ تمكن من تسجيل هدف مبكر بعد مرور 28 ثانية فقط من انطلاق المباراة. جاء الهدف بتسديدة حادة من اللاعب كونور غالاغر، الذي استغل تمريرة عرضية من الجهة اليمنى بتمرير دقيق من رودريغو دي بول، ثم أتمها جوليانو سيميوني بكعبه لتسكن شباك ريال مدريد. كان هذا الهدف بمثابة صدمة لبداية اللقاء، حيث حاول ريال أن يعيد ترتيب أوراقه سريعًا لتدارك الفارق، ولكن هذه اللحظة المبكرة أعطت أتلتيكو دفعة معنوية كبيرة وأثارت روح التحدي لدى لاعبيه.
محاولات ريال مدريد

على الرغم من الهدف المبكر لأتلتيكو، إلا أن ريال مدريد لم يغب عنه الأمل أو التصميم، واستمر في الهيمنة على شباكه محاولاً فرض أسلوبه الهجومي المعتاد. ففي الدقائق الأولى، تركزت محاولات الفريق الملكي على الاستحواذ على الكرة وبناء الهجمات المنظمة، إلا أن دفاع أتلتيكو ظل منتبهاً ومتماسكاً، حيث صدّ عدة فرص كانت من الممكن أن تحول مجريات اللقاء لصالح ريال. ورغم ذلك، لم تتضح علامات التفوق الكاملة لأي من الفريقين، حيث شهد الشوط الأول تبادلاً مستمراً في اللعب دون ظهور فرص قاتلة تلوح في الأفق.
الشوط الثاني
مع نهاية الشوط الأول، احتفظ ريال بتقدم بسيط نتيجة الهدف المبكر لأتلتيكو الذي لم يتمكن ريال من ملاحقته خلال الدقائق الأولى. لم يكن اللقاء قد بدأ بعدوانيته المعتادة حتى انطلقت فعاليات الشوط الثاني. في هذا الجزء من المباراة، استطاع أتلتيكو أن يضغط بقوة أكبر على دفاع ريال، حيث هدد شباك الفريق الملكي في أكثر من مناسبة. وقد شهدت الدقائق الأولى من الشوط الثاني زيادة في وتيرة اللعب، حيث أضاف لاعب أتلتيكو، كليمنت لينجليه، هدفًا برأسية قرب القائم بعد أول ربع ساعة من بداية الشوط الثاني، مما أثار حماس الجماهير وأعاد تأكيد الطابع التنافسي للمواجهة.
التعادل والوقت الإضافي
وفي الوقت الذي حاول فيه ريال مدريد تنظيم صفوفه لاستعادة زمام الأمور، تأرجحت النتيجة بين الفريقين حتى وصلت إلى التعادل 2-2 في مجموع المباراتين. وعلى الرغم من محاولات كل من خواكين كوريا وسورلوث في تسجيل أهداف حاسمة لأتلتيكو، إلا أن الإجهاد البدني أثر بشكل واضح على أداء اللاعبين في الشوطين الإضافيين. فقد بدا أن كلا الفريقين قد استنفذا طاقتهما خلال الدقائق الأخيرة من الوقت الأصلي، مما اضطر المدربين إلى اللجوء إلى التبديلات لاستعادة الحيوية والقدرة على اختراق الدفاعات.
ركلات الترجيح

في مرحلة ركلات الترجيح، ظهر ريال مدريد بمستوى عالٍ من الانضباط والتركيز؛ إذ سجل الفريق أربع ركلات ناجحة من بين محاولات متعددة. شارك في هذه المرحلة نجوم الفريق مثل مبابي، وبيلينغهام، وفالفيردي، الذين تمكنوا من تحويل فرصهم إلى أهداف بثقة ودقة عالية، مما أكسب ريال ميزة واضحة على منافسه. وفي المقابل، واجه أتلتيكو صعوبات واضحة في تنفيذ ركلاته، حيث تمكن سورلوث وكوريا من تسجيل بعض الركلات، بينما أضاع لوكاس فاسكيز الركلة الرابعة التي كان من الممكن أن تعيد الأمور إلى التعادل. كما شهدت المرحلة محاولة من أنطونيو روديغر التي جاءت الركلة الخامسة والحاسمة لصالح ريال، لتكتمل بذلك مراحل الإرسال إلى الهدف وتحديد مستقبل الفريق في البطولة.
خاتمة
يمثل هذا الانتصار خطوة نوعية في مسيرة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، إذ يضيف إلى سجله التاريخي نجاحات متتالية في مواجهات خصمه التقليدي ويؤكد على قدرته في التعامل مع ضغوط المباريات الحاسمة. كما أنه يرسل رسالة قوية إلى الفرق الأخرى في البطولة بأن الفريق الملكي لا يرضى إلا بالنجاح الكامل على جميع الأصعدة، سواء في المنافسات المحلية أو القارية.