أنشيلوتي وإدمان عنق الزجاجة
يبدو أن كارلو أنشيلوتي أصبح معتادًا على خوض المباريات الصعبة والمثيرة في كأس الملك، حيث كاد فريقه أن يودع المسابقة أمام سيلتا فيجو في الدور الماضي، لكنه عبر بصعوبة بعد التمديد إلى الأشواط الإضافية، ليكرر السيناريو مجددًا أمام ليجانيس، وإن كان هذه المرة قد تمكن من إنهاء اللقاء في الوقت الأصلي.
أسلوب أنشيلوتي في تدوير اللاعبين والمجازفة بإراحة بعض الأسماء الأساسية كاد يكلف الفريق كثيرًا، حيث اعتمد على تشكيلة شابة في خط الدفاع، ولم يشرك فينيسيوس جونيور أساسيًا. كما منح الفرصة للاعبين مثل راؤول أسينسيو وياكوبو رامون، وهو ما جعل الفريق يعاني من أخطاء دفاعية كادت أن تدفع ثمنها غاليًا. لكن المدرب الإيطالي، بخبرته، قام بتعديلات ناجحة خلال الشوط الثاني، حيث دفع بجارسيا وبراهيم دياز، ليتمكن ريال مدريد في النهاية من خطف الفوز.
جارسيا.. هل يكون راؤول الجديد؟
خطف الشاب جونزالو جارسيا الأنظار بتسجيله هدف الفوز القاتل لريال مدريد، بعدما ارتقى برأسية مميزة وضع بها فريقه في نصف النهائي. اللاعب البالغ من العمر 20 عامًا قدم أداءً رائعًا وأظهر لمحات من إمكانيات المهاجم القناص، وهو ما دفع الجماهير لمقارنته بأسطورة النادي، راؤول جونزاليس، الذي نشأ أيضًا في أكاديمية الريال قبل أن يصبح أحد أعظم مهاجمي الفريق.
المثير أن جارسيا لم يكن من بين الأسماء التي يُعتمد عليها بانتظام هذا الموسم، لكنه استغل الفرصة التي منحها له أنشيلوتي بأفضل طريقة ممكنة، ليؤكد أن ريال مدريد ليس بحاجة فقط إلى التعاقد مع نجوم كبار من الخارج، بل يمكنه أيضًا الاستفادة من المواهب التي يملكها داخل النادي.
مودريتش.. كلما كبر زاد تألقًا!

مرة أخرى، يثبت لوكا مودريتش أن العمر مجرد رقم، حيث قاد الفريق الملكي بكل خبرة وهدوء، وتمكن من تسجيل هدف رائع، ليصبح أكبر لاعب يسجل لريال مدريد في تاريخه. الكرواتي المخضرم قدم مباراة استثنائية، حيث كان العقل المدبر في وسط الميدان، ونجح في صناعة عدة فرص محققة لزملائه.
وفقًا لإحصائيات “أوبتا”، فقد سجل مودريتش 3 أهداف في آخر 9 مباريات مع ريال مدريد، وهو نفس عدد الأهداف التي سجلها خلال 107 مباريات سابقة! كما كان اللاعب الأكثر تمريرًا للكرات الناجحة، حيث مرر 81 كرة صحيحة من أصل 86، ليؤكد أنه لا يزال قادرًا على تقديم الإضافة، رغم تقدمه في العمر.
براهيم دياز.. الورقة الرابحة التي تجاهلها أنشيلوتي طويلًا
إذا كان هناك لاعب يستحق الثناء في هذه المباراة، فهو المغربي براهيم دياز، الذي قدم أداءً مبهرًا، وأثبت أنه يستحق الحصول على دقائق لعب أكثر. دياز كان نشيطًا ومؤثرًا طوال الوقت، حيث لعب في أكثر من مركز، بدايةً من خط الوسط، مرورًا بمركز صناعة اللعب، وحتى كجناح أيمن.
وكان النجم المغربي صاحب تمريرة الهدف الثالث الذي سجله جارسيا، ليؤكد مجددًا أنه يملك مهارات فردية رائعة وقدرة على صناعة الفارق. المفارقة أن دياز لم يكن يحظى بثقة كاملة من أنشيلوتي في المباريات السابقة، لكنه في كل مرة يحصل فيها على فرصة يثبت جدارته، وهو ما قد يدفع المدرب الإيطالي لمنحه دورًا أكبر خلال الفترة المقبلة.
إندريك ومودريتش.. أكبر فارق عمري في ثنائية ملكية!

شهدت المباراة لحظة تاريخية، حيث سجّل كل من لوكا مودريتش وإندريك هدفي ريال مدريد في الشوط الأول، وهو ما صنع فارقًا عمريًا قياسيًا بين لاعبين يسجلان للفريق في مباراة واحدة، إذ يبلغ مودريتش 39 عامًا، بينما لم يتجاوز إندريك عامه الثامن عشر بعد!
إندريك، الموهبة البرازيلية الشابة، قدم مباراة متواضعة بعض الشيء، حيث أهدر بعض الفرص بسبب تسرعه في اتخاذ القرارات، لكنه بلا شك يملك إمكانيات كبيرة تحتاج فقط إلى التطوير والتأقلم مع أجواء الكرة الأوروبية.
ليجانيس.. خروج مشرف وأداء بطولي
ورغم أن ريال مدريد هو من خرج منتصرًا في النهاية، إلا أن ليجانيس قدم مباراة بطولية، وكان قريبًا من تحقيق مفاجأة مدوية. الفريق الصغير لم يستسلم رغم تأخره بهدفين، وعاد في النتيجة مستغلًا الأخطاء الدفاعية للملكي، وكان بإمكانه الذهاب إلى الأشواط الإضافية لولا الهدف المتأخر من جارسيا.
الحارس والمدافعين قدموا مباراة رائعة، واستطاعوا تعطيل خطورة ريال مدريد لفترات طويلة، مما جعل جماهيرهم تحتفل رغم الهزيمة، إدراكًا منهم أن الفريق قدم مباراة لا تُنسى أمام أحد أكبر الأندية في العالم.
هل يتعلم أنشيلوتي من الأخطاء قبل المواجهات الكبرى؟
ورغم التأهل، إلا أن المباراة كشفت العديد من المشكلات في صفوف ريال مدريد، خاصة على المستوى الدفاعي، حيث عانى الفريق من سوء التمركز وارتكب لاعبوه أخطاءً فردية كادت تكلفهم الخروج من البطولة. كما أن قرار أنشيلوتي بإراحة بعض اللاعبين الأساسيين كاد يدفع ثمنه غاليًا، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى جاهزية الفريق للمباريات الكبيرة القادمة، خاصة وأن الريال يواجه تحديات صعبة في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.
في النهاية، خرج ريال مدريد فائزًا، لكن بشق الأنفس، ليؤكد مرة أخرى أن طريقه نحو اللقب لن يكون مفروشًا بالورود، وأن أي تهاون قد يكلفه الكثير في الأدوار المقبلة.