
لم يحتوِ صمت جوزيه مورينيو على سوى مزيدٍ من الغموض، بعد الانباء التي ربطته بتدريب منتخب البرتغال لاحقاً؛ إذ خرج “السبيشيال وان” للكشف عن موقفه النهائي من التكهنات، مؤكدًا أنه لم يجرِ أي مفاوضات مع الاتحاد البرتغالي، وأن ولاءه الحالي لفنربخشه التركي هو الأساس. تصريحاتٌ أشعلت مواقع التواصل، وأثارت سلسلة من الأسئلة عن مصير المدرب البرتغالي وعلاقته بإغراءات الأندية الأوروبية والسعودية.
نفى مطلق لأي اتصالٍ برتغالي
في تصريحات نادرة أدلى بها خلال مؤتمرٍ صحفيٍ عقده قبل مواجهة فاز عليه فنربخشه في الدوري التركي، قال مورينيو (62 عامًا):
“أستطيع أن أنفي بالكامل عقدي أي اجتماع مع اتحاد البرتغال. لو كنت حقًا اتصلت بأي طرفٍ خارجي، لكنت أخبرت فريقي أولًا، وهذا ما فعلته حين تلقيت عرضًا من نادٍ آخر في يناير الماضي.”
وأضاف:
“لم أقبل العرض، وأبلغت فنربخشه بالموقف قبل أي اجتماع. أنا رجلٌ مخلص، وغير مستعد لإحراج من وقفوا خلفي.”
بهذه الكلمات الحاسمة وضع المدرب حداً للشائعات التي ربطته بقيادة المنتخب الوطني خلفاً لروبرتو مارتينيز، خصوصًا مع اقتراب كأس العالم 2026 الذي يتطلع فيه البعض لرؤية رابطة خاصة من جديد بين مورينيو وكريستيانو رونالدو على المنصة التدريبية.
موسم متقلب في إسطنبول يلفت الأنظار

قاد مورينيو فنربخشه هذا الموسم إلى المركز الثاني في الدوري التركي الممتاز 2024–2025، حاملاً آمال الجماهير في العودة للقمة بعد غياب سنوات. غير أن خسارتي ديربي إسطنبول أمام جلطة سراي وبشكتاش أثرت على رصيد الثقة، وصارت محور تساؤلات حول استمراريته في ملعب “سوريا 1907”.
• الضغوط المحلية: مع انتهاء عقده بعد عامٍ واحدٍ، زادت التكهنات بشأن استمرار مورينيو أو رحيله، لا سيما بعد الأداء الهجومي المتذبذب وصعوبة تحصيل النقاط أمام الفرق الصغيرة.
• التأهل لدوري أبطال أوروبا: تبقى فرصة التأهل عبر المنافسة على المربع الذهبي هدفًا مشتركًا لإدارة فنربخشه والمشجعين، ومن المنتظر أن تدخل مفاوضات التجديد حيّز التنفيذ عقب الانتهاء من الموسم الحالي وبدأ التحضير لملحق التأهل.
عروض إنجليزية وأسيوية تحت الملاحظة
تتصدر أندية مثل ليدز يونايتد ورينجرز الإسكتلندي قائمة المتابعين لوضعه، إذ تبحث عن مدربٍ يملك الخبرة التكتيكية والكاريزما للعودة بالمجد.
• ليدز يونايتد: حاول النادي الإنجليزي مرارًا جذب خبرات المدربين الكبار لتحسين مركزه في الدوري الممتاز.
• رينجرز: يراقب “المخصوص” منذ عدة أشهر، ويأمل في الاقتراب من “السبيشيال وان” لقيادة الفريق في البريميرليغ الإسكتلندي ودوري الأبطال.
في الوقت نفسه، يبدي الهلال السعودي اهتمامًا غير خفي بضم مورينيو، لا سيما بعد أن شارك في عددٍ من الفعاليات في السعودية، والتقى بمسؤولين كبار في أندية القادسية وجلس على طاولة مفاوضات رفيعة المستوى مع قيادات أرامكو. ورغم الاجتماعات التي انعقدت في “Sync Summit” بالخبر، فإن الأمور لم تنضج إلى توقيع عقود.
مورينيو: “قراراتي سرية وحتى الرئاسة يكتفي بها النادي”
عن مستقبله المحتمل مع فنربخشه، شدد مورينيو على أن كل قرارٍ سيُتخذ داخليًا مع رئيس النادي ومجلس إدارته، ولن يصدر عبر وسائل الإعلام:
“سأتحدث إلى الإدارة أولًا، وباحترامٍ للرئيس، لن أعلن أي خطوة للعامة قبل الاتفاق رسميًا.”
بهذه العبارة حدد إطارًا واضحًا لعلاقته بإدارة إسطنبول، مرسخًا صورته كمدربٍ يأخذ اعتبارًا للتنظيم الداخلي ويضع ولاءه لأي عرضٍ قادم في سياقٍ رسمي.
رؤية فنية وجماهيرية تتقاطع مع طموح المنتخب

ثمة تباينٌ في الآراء حول أهليته لقيادة منتخب البرتغال؛ فبينما يرى البعض أن خبرته في البطولات الأوروبية ودوره العظيم مع أندية مثل بورتو وتشيلسي وإنتر ميلان وريال مدريد يؤهله لتحدٍ جديدٍ في رئاسة “السيليساو” قبل كأس العالم 2026، يخشى آخرون من كون تجربة التدريب الوطنية تتطلب أسلوبًا مختلفًا عن أسلوبه المبني على السيطرة التكتيكية والحوسبة الدقيقة.
الرهان الأخير: اختبار ما قبل البطولة الكبرى
إذا اختار الاحتراف مجددًا في الدوري التركي، فسيكون عليه قيادة فنربخشه لتجاوز فشل الموسم الحالي، وتأمين بطاقة دوري أبطال أوروبا عبر التصفيات. أما في حال اعتذاره رسميًا عن متابعة المسيرة مع “القادسية” أو الأندية السعودية الأخرى، فسيتحول التركيز نحو الأندية الأوروبية الساعية إلى ضمه كحلٍ سريع لملء ثغرات كبرى في مقاعد المدربين.
خاتمة درامية تعيد طرح الحلم البرتغالي
في ظل الحسم الداخلي الذي أعلنه جوزيه مورينيو، يبقى السؤال معلقًا على شفاه الجماهير: هل سيواصل المدرب المشاكس رحلته مع فنربخشه ويقاتل حتى الرمق الأخير، أم أن إغراءات الأندية الكبرى في أوروبا والسعودية ستجبره على “الانتقال المثير” قبل نهاية عقده؟ والأهم، هل يقدر الاتحاد البرتغالي على إغرائه للعودة لخدمة المنتخب الوطني قبل ساعاتٍ من انطلاق التصفيات الفارقة؟ الأجوبة قادمة لا محالة، لكن اليوم يبدو أن ولاء “السبيشيال وان” أقوى من أي شائعة.