تتزايد المشاعر المختلطة داخل معسكر الريدز، في وقت يبدو فيه أن المسؤوليات الثقيلة والضغوط النفسية بدأت تُلقي بظلالها على مسيرة الفريق في سعيه للحفاظ على لقب الدوري الإنجليزي. يتردد في أروقة الملاعب ونادٍ أن كل شيء قد تقرر بالفعل قبل صافرة النهاية، في ظل تعليقات بعض النقاد الذين أشاروا منذ أسابيع إلى أن المنافسة قد انتهت لصالح فريق آخر. ومع ذلك، يصر فريق ليفربول على أن التحديات لا تزال قائمة، وأنه أمامهم طريق طويل لتحقيق الإنجاز الذي طالما حلموا به.
أجواء التوتر في أنفيلد
على أرض أنفيلد في يوم الأحد الماضي، حاول اللاعب آندي روبرتسون السيطرة على جو الملعب بالتماس الهدوء من الجماهير المتحمسة، في محاولة لتهدئة الأجواء التي كانت مشحونة بالتوتر والاندفاع. لم يكن هذا الطلب مجرد محاولة عابرة، بل كان انعكاسًا للأداء المتقلب الذي ظهر خلال اللقاء. ففي مباراة جمعته مع وولفرهامبتون، تمكن الريدز من اقتناص الفوز بنتيجة 2-1، وهو نتيجة رفعت فارق الصدارة إلى سبع نقاط عن منافسيهم الرئيسيين في جدول الترتيب، ولا سيما آرسنال. إلا أن الأداء الذي قدمه الفريق في الشوط الثاني ترك الكثير من الأسئلة معلقة، إذ لم تُسفر أي فرصة واضحة عن تسديدة نحو المرمى، وكأن اللاعبين كانوا يشعرون بأن الفارق الزمني يمنحهم الاسترخاء رغم الضغوط المتصاعدة.
تأثير خيبة الأمل في ديربي ميرسيسايد
تبدأ سماء ليفربول تتلبد بالغموض مع بداية الأسبوع الجديد، إذ لم يمضِ وقت طويل منذ الخيبة التي لحقت بالفريق في ديربي ميرسيسايد الأخير على حساب إيفرتون في مباراة انتهت بتعادل 2-2. ففي ذلك اللقاء، خرجت توترات واضحة بين اللاعبين والقرارات التحكيمية المثيرة للجدل، حيث شهدنا طرد سلوت ومساعده، إضافة إلى توترات بين لاعبي خط الوسط الذين أعربوا عن إحباطهم بعد صافرة النهاية. ويبدو أن الهدف الذي سجله جيمس تاركوفسكي في الوقت المحتسب بدل الضائع كان له وقعٌ كبير على معنويات الفريق، إذ اعترف المدرب بأن تلك اللحظات أثرت بشكل ملحوظ على الحالة النفسية قبل مباراة وولفرهامبتون التي جرت بعد أيام قليلة.
أداء متقلب أمام وولفرهامبتون
في اللقاء الذي جمع ليفربول ووولفرهامبتون، بدأ الفريق بتحقيق تقدم ملحوظ، حيث افتتح التسجيل هدفان قبل فترة الاستراحة، جاء أحدهما من خلال تسديدة محظوظة للعبد المحبوب لويس دياز والآخر من ركلة جزاء نفذها محمد صلاح بدقة معتادة. لكن ما تلا ذلك، وخاصة في الفترة الثانية من اللقاء، كان مصدر قلق كبير. فقد تراجع أداء الريدز بشكل ملحوظ؛ حيث سيطر الخصم على بعض مجريات اللعب، واستطاع لاعب وولفرهامبتون أن يسجل هدف التعادل بطريقة فنية من خارج منطقة الجزاء، مما جعل أليسون بيكر مضطرًا للتدخل في لحظات حاسمة. وكان التدخل الأخير من جاريل كوانساه بمثابة الخط الفاصل الذي أنقذ الفريق من خسارة محتملة، بعد أن تدخل بسرعة بدلاً من إبراهيم كوناتي المطرود.
التحديات النفسية

هذا المشهد الحاسم أعطى بعض اللاعبين فرصة للتفكير مليًا فيما يحدث داخل الفريق. فقد ظهر جليًا أن الشعور بخيبة الأمل كان قد تسلل إلى أذهان اللاعبين، كما أفاد سلوت للصحفيين بأنه لا يمكن تقييم الأداء بناءً على دقائق قليلة فقط، وإنما يجب النظر إلى الصورة الكاملة للموسم. وفي حديثه، وصف سلوت اللحظات الأخيرة من اللقاء بأنها كانت “دقائق حرجة” أثرت على الثقة الجماعية، حيث أشار إلى أن استلام هدف في اللحظات الأخيرة من مباراة إيفرتون ترك بصمة سلبية ربما ما زالت تلاحق الفريق.
الضغط الذهني والجدول المزدحم
وفي الوقت الذي يمكن فيه القول بأن فريق ليفربول يمتلك القدرة البدنية على اللعب بكثافة عالية حتى في ظل جداول المباريات المزدحمة، تبقى المشكلة الأكبر هي الجانب النفسي. فقد أكّد سلوت أن اللاعبين ليسوا مرهقين جسديًا، بل أن الإرهاق النفسي هو الذي قد يظهر ويؤثر على أدائهم في اللحظات الحاسمة. في ظل جدول مزدحم يمتد لخمسة مباريات خلال 15 يومًا، تشمل إعادة جدولة ديربي ميرسيسايد ورحلة صعبة إلى أستون فيلا، يصبح الضغط الذهني عاملاً لا يمكن تجاهله. ويضيف سلوت بأن كل ما حدث في الدقائق الأخيرة من اللقاءات السابقة قد ترك أثرًا نفسيًا واضحًا على اللاعبين، مما قد ينعكس على الأداء في المباريات القادمة.
مواجهات صعبة قادمة
من بين التحديات المقبلة، ينتظر ليفربول ثلاثة لقاءات صعبة في غضون أسبوع واحد ضد فرق تقاتل بشراسة على المشاركة في دوري أبطال أوروبا، وهم أستون فيلا، مانشستر سيتي، ونيوكاسل يونايتد. وفي ظل هذه المواجهات المحتملة، يبدو أن الفارق الذي يحتفظ به الفريق عن منافسيه قد يتقلص إذا لم يتم التمسك بالتركيز الذهني والبدني. ففي مواجهة أستون فيلا على ملعب فيلا بارك، أشار القائد فيرجيل فان دايك إلى أن المباراة ستكون من بين الأصعب لهذا الموسم، مؤكدًا أن الأجواء هناك تتسم بالحماس الشديد وأن الفريق الخصم يمتلك عناصر جديدة قد تشكل تحديًا كبيرًا.
دور الجماهير

الجدير بالذكر أن جماهير ليفربول تلعب دورًا حيويًا في رفع معنويات الفريق، إذ تعكس حضورهم الشغوف في المدرجات مدى أهمية الإنجاز بالنسبة لهم. ومع ذلك، فإنهم على دراية بأن الضغط الذي يشعر به اللاعبون قد يكون له تبعات سلبية، مما يجعلهم يأملون في أن يتمكن الفريق من إعادة توازن حالته النفسية في المباريات القادمة. فالرغبة الجماهيرية في رؤية الفريق يتألق من جديد تضع على عاتق الإدارة والمدربين مهمة إيجاد الحلول المناسبة للتعامل مع هذا الضغط الذهني، سواء من خلال تغيير أساليب التدريب أو بتقديم الدعم النفسي اللازم للاعبين.
الخلاصة
في نهاية المطاف، رغم أن الضغوط النفسية والجدول المزدحم قد يثيران القلق لدى البعض، إلا أن روح القتال والإصرار التي يتميز بها ليفربول تظل العامل الأبرز في رحلتهم نحو الحفاظ على اللقب. وبينما تستمر التحديات والمباريات الحاسمة، يظل الهدف الأكبر هو إعادة الثقة والانسجام الذي كان السبب في تحقيق الانتصارات السابقة، مع الاستمرار في البحث عن طرق لتحويل أي ضغط إلى دافع لتحقيق النجاح.