انفجار انزاجي على الهدوء الاداري يكشف خلل تبديلات الزعيم
شهدت مباراة الهلال ضد ريد بول سالزبورج في الجولة الثانية من دور المجموعات بكأس العالم للأندية 2025 لحظة دراماتيكية لم تكن على قدر ضجيج الأهداف بقدر ما أضاءت على تفاصيل تنظيمية صغيرة لكنها مزعجة للغاية. في الدقيقة 88 من اللقاء، بدا واضحًا انزعاج الإيطالي سيموني إنزاجي المدير الفني للهلال من تأخر إجراء تبديلين كان يرغب في تنفيذهما دفعة واحدة، وهو ما دفعه إلى التوتر والانفجار تجاه أحد الإداريين المسؤول عن تجهيز لوحة التبديل.
في قلب الاحتجاج لجأ إنزاجي إلى اصطدام مباشر مع بروتوكول غرفة تبديلات الزعيم، إذ طالب بسرعة رفع اللوحة التي تحمل رقمي مصعب الجوير وعلي لاجامي بدلًا من ناصر الدوسري وحسان تمبكتي، لكن الهدوء المبالغ فيه من الإداري المعني أثار استغراب مدرب بحجم إنزاجي الذي يعتمد أسلوب الضغط العالي وإدخال دماء جديدة لتعزيز الأداء الهجومي.
هذا اللقطة الاستثنائية كشفت حجم الفوضى البسيطة التي يمكن أن تؤثر في سير المباراة، رغم أن اللاعب البديل الذي يدخل في مثل هذه الدقائق قد يساهم في تغيير مسار اللقاء. التفسير الشائع بين المتابعين على مواقع التواصل هو أن الإداري قد جهز اللوحة بالفعل ثم سلمها إلى سعود كريري مدير كرة القدم، الذي بدوره حاول إيصالها إلى إنزاجي، ولكن تبدو العملية برمتها قد عانت من “العشوائية” أو عدم التنسق السلس.
وانقسمت ردود الأفعال بين جمهور وصف تفاصيل الحادثة بأنها “صغيرة لكن مزعجة جدًا” وانتقادات لاستسهال الإجراءات في غرفة تبديل الهلال، وبين آخرين رأوا أن ذلك يدخل ضمن ضغوط المباريات الكبيرة التي يلعبها الفريق في المحافل العالمية. فقد اعتبر بعض المحللين أن أجواء كأس العالم للأندية وتشابك ضغوط المنافسة وربما التعب النفسي للاعبين والإداريين، أدت إلى تأخر خطوة تبديل قد تبدو عادية في مواجهة محلية، لكنها حاسمة في مباراة تقام على أعلى مستوى.

التعادل السلبي الذي حافظ به الهلال على نقطته الثانية بعد التعادل مع ريال مدريد (1-1) وضعه في المركز الثالث قبل المباراة الأخيرة أمام باتشوكا المكسيكي، وقد يكون لهذا اللغط الإداري ولفتة إنزاجي الأثر النفسي على فريق يمر بالفعل بمرحلة تحول فنية تحت قيادة مدرب جديد. وإن كان تأخر تبديلين لا يؤثر على خطأ تكتيكي أو سوء أداء لاعب، إلا أن المعدن الحقيقي لأي منظومة احترافية يقاس بردود الفعل على مثل هذه المواقف اليومية.
من منظور فني، يسعى إنزاجي منذ وصوله لتطبيق فلسفة تعتمد على تبديلات سريعة ومخططة لتغيير شكل المستوى الهجومي والاستحواذ، وهو ما يتطلب تعاون جميع عناصر الجهاز من فنيين وإداريين لضمان تدفق المعلومات وتنفيذ الخطط في اللحظات الحرجة. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار رد المدرب الإيطالي صرخة تحذير للجهاز الإداري بضرورة رفع درجات الجاهزية والتنسيق لتفادي “التفاصيل الصغيرة” التي قد تكلف الفريق الكثير إذا تكررت في مناسبات أخرى.
ولتعزيز عملية الانتظام التنظيمي، يُنتظر أن يقوم الهلال بمراجعة إجراءات غرفة تبديلات اللاعبين وتحديد مسؤوليات واضحة لتمرير أوامر التبديل بسرعة من الملعب إلى لوحة العرض والعكس، خاصة مع جدول مباريات مضغوط يفرض تبديلات تكتيكية وعملية أكثر من مباراة لأخرى. كما قد يكون من المفيد للزعيم الاستعانة بتدريب مختصين على بروتوكولات المباريات الكبيرة، بحيث تتسم خطوات تبديل اللاعبين في المستقبل بالسرعة والوضوح وتجنب حالات التلكؤ حتى لو كان إداريًا.

يبقى الهلال أمام فرصة أخيرة لتأكيد تألقه وحجز بطاقة التأهل إلى ثمن النهائي إذا نجح في تحقيق الفوز على باتشوكا في اللقاء المقرر فجر الجمعة المقبل بتوقيت مكة المكرمة. أما في حال لم يتحقق الانتصار فإن الانتقادات، الصغيرة كما بدا بعضها، قد تتصاعد لتطال جداول الإعداد والاستعدادات الفنية والإدارية للفريق.
في نهاية المطاف، يظل الجدال حول لقطة إنزاجي والإداري الملتزم الصمت إحدى النقاط التي ستُذكر في تحليل أحداث مونديال الأندية 2025، كدليل على أن الاحترافية لا تُقاس فقط بقيمة اللاعبين أو قوة الخطط التكتيكية، بل أيضًا بمدى اتساق التفاصيل التنظيمية التي تُحكم عمل الأندية على مستوى اليوم بيومه.