
في خضم فترة التوقف الدولي واستعداد المنتخب السعودي الأول لكرة القدم لمواجهة تحديات كبرى في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، تتشكل معالم مستقبل الفريق على أرض الملعب. يترقب الجمهور المباراتين المصيريتين؛ الأولى ستكون مساء الخميس المقبل حين يستضيف الأخضر المنتخب الصيني في الجولة السابعة من الدور الثالث للتصفيات الآسيوية، بينما ينتظر الفريق مواجهة قوية مع منتخب اليابان على أرض الخصم في الجولة الثامنة. تُعد هاتان المباراتان مفتاح دخول المنتخب السعودي إلى المرحلة النهائية، إذ سيُعتمد عليهما في رسم معالم التأهل ومستقبل الأخضر في المنافسة العالمية.
وسط هذا الجو التنافسي الحماسي، تلقى المنتخب ضربة قوية قبل انطلاق هاتين المباراتين الهامتين، إذ فقد فريقه أحد أركانه الفنية؛ حيث تأثر أداء الفريق بإصابة لاعب أساسي. وفقًا لتقارير صحيفة “الرياضية”، غاب محمد كنو، متوسط ميدان نادي الهلال والمتألق مؤخرًا، عن التدريبات الجماعية للأخضر بعد خضوعه لبرنامج علاجي تحت إشراف الجهاز الطبي للمنتخب. تعود الإصابة إلى تعرضه لإصابة في عضلة الفخذ مع ناديه الهلال، ما يطرح تساؤلات حول تأثير غيابه على أداء المنتخب في المباريات القادمة.
على الجانب الآخر، جاءت أخبار إيجابية مع عودة بعض الكفاءات الأوروبية إلى معسكر المنتخب في العاصمة الرياض. فقد شارك سعود عبدالحميد، ظهير أيمن نادي روما المعروف بخبرته الدولية، في التدريبات الجماعية مساء الإثنين. ويُعتبر عبدالحميد إضافة قوية للفريق بفضل خبرته وكفاءته الدفاعية التي تبرز في البطولات الأوروبية. كما التحق بالتدريبات ثنائي من نادي بيرشكوت يتكون من متوسط الميدان فيصل الغامدي والجناح مروان الصحفي، اللذين اكتفيا بأداء تمارين استرجاعية للحفاظ على مستوى لياقتهما بعد مشاركتهما في مبارياتهما مع أنديتهم الأوروبية.
وأكدت صحيفة “الرياضية” وصول الثلاثي المحترف إلى مطار الرياض بعد الساعة السابعة مساء يوم الإثنين، حيث توجهوا على الفور إلى ملعب نادي الشباب الذي يحتضن التحضيرات المكثفة للمنتخب. وقد انضم عبدالحميد مباشرةً إلى جلسة التدريبات التي يقودها المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، بينما أدخل الغامدي والصحفي في تمارين استرجاعية لتخفيف آثار الجهد المبذول في المنافسات الأوروبية. يُظهر هذا الترتيب حرص الجهاز الفني على دمج الخبرات المكتسبة في الدوريات الأوروبية مع الخطة التدريبية للمنتخب، في محاولة لتعزيز الأداء الجماعي قبل مواجهة المنتخبات القوية مثل الصين واليابان.

وبالنظر إلى جدول التصفيات، يحتل المنتخب السعودي حاليًا المركز الرابع ضمن مجموعة التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026. يمتلك الأخضر 6 نقاط جمعت من فوز واحد وثلاث تعادلات مقابل هزيمتين، فيما يتقاسم نفس العدد مع منتخبات مثل إندونيسيا والصين والبحرين، الذين يتصدرون الترتيب في المراكز الثالثة والخامسة والسادسة على التوالي. ويبتعد المنتخب السعودي بفارق نقطة واحدة عن أستراليا، الوصيفة في المجموعة، وعن 10 نقاط عن اليابان المتصدرة، مما يعكس مدى التنافس الحاد الذي يسود المجموعة والحاجة الملحة لتحقيق نتائج إيجابية في المباريات القادمة.
في ظل هذه المعطيات، يتضح أن التحديات أمام المنتخب السعودي تتعدى حدود الجانب الفني لتشمل إدارة الإصابات وتنظيم الجدول التدريبي بدقة. إذ أن غياب لاعب مثل محمد كنو قد يؤثر على توازن خط وسط الفريق، ما يستدعي تدخل الجهاز الفني لتعويض الفجوة بأداء جماعي متماسك واستغلال الفرص المتاحة لتعزيز مركز الفريق في المجموعة. كما يمثل عودة اللاعبين المحترفين من أوروبا دفعة معنوية تعكس رغبة الجهاز الفني في دمج التجارب العالمية ضمن الخطة التكتيكية للفريق.
وعلاوة على ذلك، تأتي مواجهة المنتخب الصيني بمثابة اختبار مهم قبل خوض معركة حاسمة ضد اليابان، المنتخب الذي يتميز بتنظيمه الفني وروحه القتالية العالية. يتعين على الأخضر استغلال هذه المباراة لتأكيد قوته الهجومية والدفاعية معًا، حيث إن الأداء أمام الصين سيساهم بشكل كبير في رفع معنويات اللاعبين وتأمين نقطة مهمة في جدول التصفيات. وبعدها ينتقل الفريق إلى مواجهة يابانية من المتوقع أن تكون من أشد المباريات تنافسًا في المجموعة، ما يفرض على اللاعبين تقديم أداء متميز يليق بتطلعات الجمهور ويضعهم في مصاف المتأهلين.
في هذا السياق، يبرز الدور الحيوي للمدرب هيرفي رينارد الذي يقود معسكر المنتخب بكل تركيز، ويسعى لتعزيز روح الفريق وترسيخ الانضباط الفني بين اللاعبين. إن الفترة الحالية تعتبر فرصة ذهبية لإعادة صياغة الاستراتيجيات وتحسين الخطط التدريبية بما يتناسب مع متطلبات التصفيات، خصوصًا في ظل التحديات التي يفرضها جدول المباريات الكثيف والتزام اللاعبين بمسابقاتهم الأوروبية. كما أن استغلال التوقف الدولي لتقديم برامج علاجية وتأهيلية متكاملة يعد خطوة حاسمة لضمان جاهزية اللاعبين بدنيًا وذهنيًا للمواجهة مع المنتخبات المنافسة.

ولا يخفى على أحد أن روح التحدي والعزيمة التي يتمتع بها المنتخب السعودي هي العامل الأساسي في تجاوز الصعاب. فاللاعبون، سواء المحليون أو العائدون من أوروبا، يتشاركون في رؤية مشتركة تهدف إلى إعادة الفريق إلى الساحة العالمية بكأس العالم 2026. وفي ظل هذه الظروف، يتحتم على الجميع تقديم أداء جماعي متماسك وتوحيد الجهود لضمان استغلال كل فرصة تثبت قدراتهم وتضعهم في مقدمة الفرق المتنافسة على التأهل.
إن الطريق إلى كأس العالم ليس مفروشًا بالورود، ولكنه يحمل في طياته فرصًا وإمكانيات كبيرة لإظهار العزيمة والروح الرياضية. فكل مباراة من مباريات التصفيات تُعد درسًا مهمًا يتعلم منه الفريق كيفية التعامل مع الضغط وتحقيق النتائج المرجوة. وفي ظل هذه الأجواء التنافسية الشديدة، يبقى الأمل معقودًا على قدرة المنتخب السعودي على تحقيق الانتصارات التي تعيد له مكانته بين منتخبات آسيا وتثبت جدارته بالتأهل لكأس العالم 2026.
من هنا، تتجلى أهمية متابعة تحضيرات الأخضر في الفترة المقبلة، مع التأكيد على ضرورة استغلال كل تفاصيل المعسكر التدريبي لتحقيق الأداء الأمثل. وفي مواجهة الصين واليابان، ستختبر الجماهير مدى تكامل الفريق على الأصعدة الفنية والبدنية، مما قد يشكل نقطة تحول في مسار التصفيات وآفاق التأهل إلى كأس العالم.