شهدت المواجهة المثيرة بين ريال مدريد ومانشستر سيتي في ذهاب ملحق دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا أجواءً استثنائية، لم تقتصر فقط على الصراع داخل المستطيل الأخضر، بل امتدت لتشمل مناوشات بين لاعبي الفريق الإسباني وجماهير الفريق الإنجليزي، خاصة بين النجمين جود بيلينجهام وفينيسيوس جونيور، اللذين وجدا نفسيهما في قلب معركة كلامية واستفزازات حامية الوطيس.
مباراة مثيرة تضع ريال مدريد على أعتاب التأهل
استضاف ملعب الاتحاد واحدة من أكثر المواجهات إثارة في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، حيث دخل مانشستر سيتي المباراة بأفضلية الأرض والجمهور وسعى للسيطرة منذ البداية، بينما أتى ريال مدريد بعقلية المنتصر، عازمًا على فك عقدة ملعب الفريق الإنجليزي الذي طالما شكل عقبة أمامه.
لم يحتج أصحاب الأرض سوى 19 دقيقة لافتتاح التسجيل عبر ماكينة الأهداف النرويجية إرلينج هالاند، الذي استغل كرة عرضية متقنة ليهز شباك الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، ويشعل مدرجات الاتحاد. غير أن الرد المدريدي لم يتأخر كثيرًا، حيث استطاع النجم الفرنسي كيليان مبابي معادلة النتيجة في الدقيقة 60، بعد تمريرة رائعة من توني كروس، ليسدد الكرة ببراعة في الزاوية البعيدة للحارس إيدرسون.
عاد مانشستر سيتي للتقدم مجددًا، وهذه المرة عن طريق هالاند الذي حصل على ركلة جزاء إثر عرقلة تعرض لها فيل فودين داخل منطقة الجزاء، لينفذها بنجاح عند الدقيقة 80، معيدًا الأفضلية لأصحاب الأرض. لكن الريال لم يكن ليتنازل بسهولة، حيث تمكن براهيم دياز من إدراك التعادل في الدقيقة 86، بعد سلسلة من التمريرات القصيرة انتهت بلمسة ذكية أسكن بها الكرة الشباك.
ومع اقتراب المباراة من نهايتها، وجه الإنجليزي جود بيلينجهام الضربة القاضية لمانشستر سيتي بتسجيله الهدف الثالث في الدقيقة 92، بعد أن استغل كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء، ليطلق تسديدة قوية لم يتمكن إيدرسون من إيقافها، ليمنح فريقه فوزًا ثمينًا يقربه من التأهل قبل مباراة الإياب في سانتياغو برنابيو.
مواجهات مشتعلة بين نجوم ريال مدريد وجماهير السيتي

لم تخل المباراة من أجواء التوتر والمواجهات الجانبية، حيث احتفل جود بيلينجهام أمام مدرجات مانشستر سيتي بطريقة استفزازية بعد تسجيله هدف الفوز، وهو ما أشعل غضب جماهير الفريق الإنجليزي التي لم تتردد في الرد عليه بهتافات غاضبة.
أما فينيسيوس جونيور، فقد وجد نفسه في قلب مواجهة كلامية حادة مع الجماهير، التي رددت هتاف: “أين كرتك الذهبية؟”، في إشارة ساخرة إلى خسارته الجائزة لصالح الإسباني رودري نجم مانشستر سيتي. لكن النجم البرازيلي لم يقف مكتوف الأيدي، بل اختار الرد بطريقته الخاصة، حيث أشار إلى شعار دوري أبطال أوروبا على قميص ريال مدريد، في تذكير واضح بأن الملكي يحمل الرقم القياسي في البطولة برصيد 15 لقبًا، في رسالة مفادها أن المجد الأوروبي يبقى دائمًا في متناول الفريق الإسباني.
استفزاز قبل المباراة.. “لا تبكي كثيرًا”
لم يكن التوتر الذي حدث خلال المباراة وليد اللحظة، بل بدأ قبل انطلاقها، حين رفعت جماهير مانشستر سيتي تيفو عملاقًا في المدرجات يحمل عبارة “لا تبكي كثيرًا”، مصحوبًا بصورة رودري وهو يُقبل الكرة الذهبية، في إشارة واضحة إلى فينيسيوس جونيور.
الأمر لم يتوقف عند المدرجات، حيث وُضعت صورة مماثلة بجوار غرفة ملابس ريال مدريد، في خطوة اعتبرها الكثيرون استفزازًا مباشرًا للاعبي الفريق الإسباني ومحاولة للتأثير عليهم نفسيًا قبل المواجهة الحاسمة. لكن ما حدث على أرض الملعب أثبت أن ريال مدريد لا يتأثر بمثل هذه الاستفزازات، بل على العكس، حولها إلى دافع إضافي لتحقيق الانتصار.
ماذا ينتظر الفريقين في الإياب؟
مع اقتراب مواجهة الإياب التي ستقام يوم 19 فبراير على ملعب سانتياغو برنابيو، سيكون مانشستر سيتي في موقف صعب، حيث يحتاج لتحقيق الفوز بفارق هدفين على الأقل لضمان التأهل المباشر، أو الفوز بفارق هدف واحد لكن مع تسجيل 3 أهداف أو أكثر لفرض شوطين إضافيين، ومن ثم ركلات الترجيح إذا استمر التعادل.
في المقابل، يدخل ريال مدريد المباراة بأفضلية واضحة، حيث يكفيه التعادل بأي نتيجة أو حتى الخسارة بفارق هدف واحد بشرط ألا يتلقى أكثر من هدفين، ليحسم بطاقة التأهل إلى ربع النهائي.
الطريق إلى دور الـ16.. مواجهة منتظرة في الأفق
الفائز من هذه المواجهة المرتقبة سيواجه في الدور القادم أحد الفريقين: أتلتيكو مدريد الإسباني أو باير ليفركوزن الألماني، وذلك وفقًا لنتائج قرعة دور الـ16، التي ستحدد المسار النهائي للفرق المتأهلة في البطولة.
هل ينجح مانشستر سيتي في قلب الطاولة؟

بعد الهزيمة القاسية في ملعبه، سيحتاج بيب غوارديولا إلى إعادة ترتيب أوراقه سريعًا، حيث لم يظهر مانشستر سيتي بنفس القوة التي اعتاد عليها جماهيره في البطولة الأوروبية. الفريق سيحتاج إلى أداء استثنائي في الإياب، خاصة أمام فريق بحجم ريال مدريد الذي يتمتع بخبرة طويلة في مثل هذه المواجهات.
أما كارلو أنشيلوتي، فيدرك جيدًا أن المهمة لم تُحسم بعد، رغم الفوز الثمين خارج الأرض، وسيكون عليه تحضير فريقه جيدًا لمواجهة سيتي القوي، الذي لن يستسلم بسهولة وسيقاتل حتى اللحظة الأخيرة.
ليلة أوروبية نارية في الانتظار
مع كل ما شهدته مواجهة الذهاب من إثارة واستفزازات ومناوشات، ينتظر عشاق كرة القدم حول العالم مباراة إياب ساخنة، ستكون أشبه بمعركة كروية على أرضية ملعب سانتياغو برنابيو، حيث يسعى ريال مدريد لحسم التأهل وسط جماهيره، بينما يبحث مانشستر سيتي عن تحقيق “ريمونتادا” تاريخية للعبور إلى الدور القادم.
هل ينجح السيتي في تحقيق المفاجأة والعبور من بوابة ريال مدريد؟ أم أن الملكي سيواصل فرض سطوته الأوروبية ويؤكد تفوقه التاريخي في دوري الأبطال؟ الإجابة ستكون في موقعة الإياب، التي تعد بأن تكون واحدة من أكثر المباريات إثارة في هذا الموسم الأوروبي.