
ثورةٌ تكتيكيةٌ بدأها المدرب الإيطالي الصارم كارلو أنشيلوتي منذ تولّيه مهام قيادة منتخب البرازيل لكرة القدم، شملت أولى قراراته تصحيح مسار الجناح البرازيلي أنتوني، طريد مانشستر يونايتد السابق والمعار حالياً إلى ريال بيتيس الإسباني، عبر استدعائه مجدداً إلى القائمة الأولية للسيليساو استعداداً لمواجهتي تصفيات كأس العالم 2026 أمام الإكوادور وباراغواي.
سقوطٌ في أروقة الأولدترافورد وصعودٌ لافت في الأندلس
عانى أنتوني (24 عاماً) من بدايةٍ شاحبةٍ مع مانشستر يونايتد بعد انتقاله إليه صيف 2021 قادماً من ساو باولو مقابل 85 مليون يورو، إذ وجد نفسه على مقاعد البدلاء أغلب الأوقات، وفشل مرتين في إثبات جدارته مع غوارديولا السابق إريك تن هاغ. لكن قرار إعارته إلى ريال بيتيس في كانون الثاني/يناير 2025 أعاد البسمة إلى محياه سريعاً، بعدما سجل 8 أهدافٍ وصنع 5 تمريرات حاسمةٍ في 18 مباراةً بكل المسابقات خلال النصف الأول من عام 2025 (موندو ديبورتيفو).
هذا التألق الذي جمع بين الأهداف والتمريرات العرضية الذكية جعل أنشيلوتي، الذي يلفّق حالياً استراتيجيةً شاملةً للعودة بالسيليساو إلى منصّة التتويجات العالمية، يضعه على رأس قائمة 50 لاعباً اختارهم لمعسكر تصفيات أميركا الجنوبية.
كارلو يضع “مستوى بيتيس” فوق “ظلال اليونايتد”

في حديثٍ صحفيٍ الأسبوع الماضي، قال رئيس الاتحاد البرازيلي إدنالدو رودريجيز:
“أردنا مدرباً قادراً على مزج السرعات والمهارة مع الانضباط الدفاعي؛ أنشيلوتي أثبت جدارته مع ريال مدريد، وسيبدأ عمله مع السيليساو من 26 مايو فور انتهاء مهمته الملكية.”
هذه النظرة الجدّية من أنشيلوتي لصالح لاعبي الأداء الفعلي في أنديتهم، وليس بالضرورة النجوم الكبار من حيث الاسم فقط، سمحت لأنتوني بالحصول على فرصةٍ جديدةٍ رغم استبعاده من قِبل المدرب السابق دوريفال جونيور بعد دعوته للمرة الأولى في مارس 2025، وغياب طويل منذ مارس 2023 حين شارك في وديةٍ أمام المغرب.
كيف يؤثّر وصول أنشيلوتي على مستقبل الجناح السريع؟
ستخضع قائمة أنشيلوتي الأولية لمراجعةٍ دقيقةٍ قبل حصرها في 23 لاعباً يوم 26 مايو؛ وهو تاريخٌ سيكشف عمّا إذا كان أنتوني سيشارك في مباراتي الإكوادور (أرضه يوم 5 يونيو) وباراغواي (خارج أراضيه يوم 10 يونيو). ويُعد تأقلمه مع البني الأبيض والأخضر لفريق بيتيس وإثبات قيمته على أرض الملعب دليلاً عملياً على قدرته على ملء فراغاتٍ هجوميةٍ طالما عانى منها السيليساو في ظل إصاباتٍ ونضوبٍ في أعداد المهاجمين والوسط الهجومي.
دورة تصفيات العالم: أكثر من مباراةٍ عابرةٍ
تُشكل مواجهات الإكوادور وباراغواي في قارةٍ تشتهر بالمباريات المنطوية على شد وجذب وترقبٍ جماهيريٍّ كبيرٍ اختباراً حقيقياً لجاهزية اللاعبين. فالسفر إلى أميركا الجنوبية يعني ضبط الإيقاع والتأقلم مع الأجواء المرتفعة والارتداد السريع عند فقدان الكرة. وفي هذا الإطار، يحتاج أنشيلوتي إلى جناحين قادرين على الاستمرارية وتقديم الأداء تحت الضغط البدني الشديد.
صمودٌ أمام العواصف ومصاعب وخيارات بديلة

رغم بوادر النجاح مع بيتيس، وقدرته على تسجيل الأهداف وصناعة اللعب، لا يخلو موقف أنشيلوتي من خياراتٍ أخرى قد تنافس أنتوني على الجناح: من بين 50 المرشحين أسماءٌ مثل باريسون، ولويس برونو، وفيرناندينيو. لكن تألق أنتوني ضد الأندية الكبرى في الليغا – كإشبيلية وفالنسيا وإسبانيول – يمنحه تفضيلاً لدى “السبيشيال وان” الذي يبني سيليساو المستقبل بأسلوبٍ هجوميٍّ متوازنٍ بين الإبداع والصلابة الدفاعية.
دليلٌ على ثقة جديدةٍ واستمراريةٍ متوقعةٍ
إذا ما حجز أنتوني مقعده في القائمة النهائية، فسيكون ذلك اعترافاً صريحاً بقدرته على تجاوز إخفاقه في مانشستر يونايتد، وتأكيدًا لفرصةٍ ثانيةٍ في صفوف منتخبٍ يملك قاعدةً عريضةً من النجوم، ويحتاج لتوليفةٍ شابةٍ تجدد الدماء قبل المونديال. ورغبة أنشيلوتي في ضمّه إلى معسكره الأول دليلٌ على نيةٍ جادةٍ لمنح الجناح البرتغالي السابق مسيرةً دوليةً طويلةً عقب فترةٍ من التراجع.
ختامٌ واعدٌ في انتظار لجنة 26 مايو
تأتي متابعة جماهير الكرة البرازيلية لمصير أنتوني بلهفةٍ منذ خروج القائمة الأولية، إذ إن اسمه يمثل “قصةَ استردادٍ” يمكن أن تتحول إلى مصدر إلهامٍ لكل موهبةٍ أخرى عاشت نكسةً مع فرقها. وإذا نجح في بلوغ تشكيلة 23 الاسمية النهائية، سيكون على موعدٍ مع إعادة كتابة تاريخٍ شخصيٍ مثيرٍ، بعدما أعاد بناء مسيرته في بسطاء الأندلس وضمن فرصةً ثانيةً في قميصٍ يحمل وزن “القميص الأصفر والأخضر” التاريخي.