
سر سواريز الخفي لإطلاق موهبة لامين يامال نحو قمم المجد
في عالم كرة القدم الذي لا يرحم صغاره قبل كباره يبرز اسمان يتناقلهما عشاق الساحرة المستديرة بسرعة الضوء واحدهما النجم الأوروغوياني المخضرم لويس سواريز والآخر الطفل المعجزة الإسباني لامين يامال الذي اجتذب الأنظار منذ ظهوره الأول في فريق برشلونة الأول نهاية موسم 2022–2023 ومازالت مسيرته الشابة تحمل معها رموز التفاؤل بمستقبل مرصع بالنجاح. وعلى الرغم من الإطراء اللامحدود الذي لا يتوانى فيه سواريز تجاه موهبة يامال الواعدة إلا أن المهاجم السابق أشار إلى أن أمام الشاب الإسباني طريقًا شاقًا حافلًا بالدروس لا بد أن يجتازه حتى ينهل من كأس المجد القاري والعالمي.
منذ اللحظة التي خرج فيها يامال إلى أرضية ملعب كامب نو وهو في السابعة عشرة اكتست خطواته بلمسة ساحرة لم تعتدها مدرجات النادي الكتالوني في السنوات الأخيرة فقد دخل مباشرة ضمن حسابات المدرب السابق للفريق تشافي هيرنانديز ليصبح عنصرًا أساسيًا في تشكيلة الموسم التالي 2023–2024 ثم أرسل إنذارًا صارخًا إلى عشاق الكرة الأوروبية عندما تم اختياره أفضل لاعب شاب في نهائيات أمم أوروبا صيف 2024 بعدما قاد منتخب إسبانيا للتتويج بلقب قاري نادر في فئته العمرية.
وسط هذه الإنجازات المبكرة أجرت وسائل الإعلام مقابلات عدة مع الأسطورة سواريز الذي سطر تاريخًا طويلًا من الأهداف الضاغطة والنجاحات مع برشلونة قبل الانتقال إلى إنتر ميامي الأمريكي وتابع عن كثب تطورات يامال ليقع تحت سحر أدائه القتالي وثقته النادرة. وفي تصريح حصري قال سواريز لقد شاهدت لامين وهو يتحدى خصومه بجرأة نادرة في مثل عمره وتمكن من ترك بصمة فنية تجعل الجميع يتوقف عند تحركاته وأضاف أن مسؤولية النجاح ليست فقط في إمكاناته المذهلة بل في اجتهاده اليومي في المران وفهمه العميق لأسس اللعب الجماعي وهو أمر لا يتقنه سوى أصحاب العقول الكروية الناضجة.
وأكد مهاجم برشلونة السابق أن يامال لا يزال في بداية الرحلة وأن أمامه الكثير ليعيشه ويتعلمه خاصة في مناطق ملعب الخصم التي تقع فيها الصعوبات الكبرى على المهاجم الشاب وعليه أن يتعلم قراءة تحركات الدفاع المنافس وكيف يضطر الخصوم لتغيير أسلوبهم أمام هذا الصغير الذي لا يخشى المواجهة بل يستعين بأسرار التمرير والسرعة لتفكيك الشباك الواحدة تلو الأخرى.

وفي سياق متصل أوضح سواريز أن المناخ التنافسي داخل برشلونة سيشهد خلال الموسم المقبل تغييرات كبيرة بعد قدوم مدرب جديد وفلسفة تكتيكية مختلطة تجمع بين تراث النادي الكتالوني وروح الابتكار التي تميز بها أبناء مدرسة لاماسيا على مدار العقود، ومن هنا نصح يامال بالانخراط في عمل جماعي مكثف مع نجوم الخبرة مثل سيرجيو بوسكيتس وياخو بويج ليرتقي بفهمه التكتيكي ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات الحرجة.
ولم يفت سواريز التنبيه إلى الجانب النفسي الذي غالبًا ما يقف حجر عثرة أمام الواعدين، حيث قال لابد أن يحافظ يامال على توازنه بين الضغط الإعلامي وجنون الجماهير من جهة والانغماس في تفاصيل اللعب من جهة أخرى وأضاف إن الصبر والتواضع مفتاحان يساعدان اللاعبين الصغار على التعلم من أخطاء الكبار وتجميع خبرتهم سواء كانت انتصارات مدوية أم هزائم مفاجئة وعلينا أن نتذكر جميعًا أن أعظم الأبطال مثل رونالدو وميسي مروا بفترات كان عليهم فيها مقاومة الشكوك والانتقادات.
كما تطرق سواريز في نصائحه إلى أهمية استغلال فترات التعافي والراحة لتقوية الجسد والاستعداد للمواسم الطويلة التي تميز كرة القدم الاحترافية، وأشار إلى أن تراكم المباريات بين الدوري وكأس الملك ودوري أبطال أوروبا يتطلب قدرة عالية على التعافي السريع وهو ما يتعلمه القليلون ممن وصلوا لساحة النجومية واستمروا في حصد الألقاب على مدار سنوات طويلة.

وفي ختام كلماته شدد النجم الأوروغوياني على ضرورة أن يحتفظ يامال بحماسته الفطرية التي يرى أنها واقعًا نادرًا في عالم كرة القدم المعاصر، وقال غدًا ستتغير الخريطة الكروية من حولك لكن عليك أن تحافظ على شغفك للعبة كما لو كنت تمارسها في حديقة المنزل مع أصدقائك فهذه البراءة تجعلك دائمًا لاعبًا مميزًا يسر الناظرين ويحفر اسمه بحروف ذهبية في سجل الأساطير.
لامين يامال بصمته الأولى في استوديوهات التحليل وأسواق الانتقالات قد تؤشر إلى مستقبله الباهر ولكنه اليوم أمام تحدٍ أضخم يتمثل في قدرته على الصمود والتعلم المستمر وسط أضواء الشهرة ونداءات الجمهور وصخب التشجيع الرياضي؛ ومع توجيهات سواريز النارية وتجربته التي تستحق الانصات لكل كلمة منها يبقى السؤال مطروحًا هل سينجح الصغير في امتصاص دروس الكبار وتحويلها إلى أسلحة قاتلة تضعه في مصاف أعظم النجوم في جيله وربما في تاريخ اللعبة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.